هناك الكثير من المناسبات التي يواجه فيها الكاتب صعوبة في وصفها والتعبير عنها، وبالنسبة لي الاحتفال باليوم الوطني واحدة من هذه المناسبات الصعبة التي تشعرك بأنك مهما قلت وكتبت فيها فإنك لن تستطيع أن تعبر عنها، وتمنحها حقها الذي تستحقه. لا أقصد الكتابة في حد ذاتها، لأن الكتابة المجردة في هذه المناسبة، وغيرها من المناسبات، سهلة، ويكفي أن تقوم باستعراض مجموعة من الأمثال عن الاتحاد وتعدد أبرز الإنجازات، وستجد نفسك أنجزت موضوعاً طويلاً عريضاً عن الاتحاد، لكن ما اقصده أن تكون هناك روح في ما تكتب ومعانٍ وأفكار تملك القدرة على أن تعكس التجربة وتعبر عنها بصدق. كيف يمكن أن تعبر عن حدث استطاع أن يوحد دوله وشعباً وينشئ وطناً، وهذا الوطن يتحول إلى رمز لأفضل تجربة وحدوية في المنطقة ووسط عالم تسوده روح التفرق أكثر من روح التعاون. عندما تسترجع شريط الذكريات وكيف قام الاتحاد، وتقارن بين أحوال الدولة في البدايات والحال التي وصلت إليها في الوقت الراهن ينعقد لسانك من الدهشة، أحضر أي صورة قديمة للإمارات في بدايات الاتحاد وقارنها بأي صورة حالية، وستعرف ماذا أقصد. بعض الناس يقولون إن وجود الإمكانات والبترول هو الذي سهل العملية، وساعد على تدوير عجلة التطوير التي طالت كل شيء، ولولا هذه الموارد البترولية لم تكن الدولة لتصل إلى ما وصلت إليه. ولا شك في أن هذا الكلام صحيح من جانب، أي تطور يحتاج إلى إمكانات جبارة لكي يتحقق، خاصة أننا نتحدث عن قيام وطن يأخذ بكل أسباب الحداثة والتطور، ولكنه خاطئ من جانب آخر، توافر الإمكانات لوحدها ليس هو من صنع الإمارات، وأكبر دليل أن هناك كثيراً من الدول من حولنا تملك إمكانات تفوق الإمارات بكثير، ومع ذلك سجلت فشلاً ذريعاً، وشعوبها تعاني الأمرين، وتصل إلى حد الفقر، ودول أخرى تفوق في الإمكانات الإمارات أيضاً، ولكنها لم تبلغ ربع درجة التطور التي وصلت إليه الدولة. لا نقول ذلك من باب المبالغة أو التفاخر، ولكن نقوله من باب المشاهدة والمقارنة، لنعرف حقيقة الإنجازات التي تحققت في هذا الوطن، ولنعرف القيمة الحقيقية للاتحاد، وقيمة من صنعه، والمتمثلة في عبقرية زايد الذي أنشأ وطناً يقوم على مفهوم الحب والاحترام، وقدم نموذجاً في العطاء أسر به قلوب الجميع، فسار الوطن على دربه. S.alshamsi@admedia.ae