تابعت جل ما كتب حول الفتاة الخليجية التي رفعت دعوى “عضل” ضد والدها تطالب فيها المحكمة بإجبار والدها على الموافقة على زواجها من شاب تركي، رفضه الأب زوجاً لابنته المعيدة في إحدى الجامعات، ولا أعلم أي جامعة تدرِّس فيها تلك المعيدة، وما مستوى الطلبة المتوقع أن يتخرجوا على يدها؟! وما العلم الذي قد ينهلونه من فتاة ترفع دعوى ضد والدها، والوالدان من قال فيهما المولى عز وجل (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) صدق الله العظيم، فما بالك بمن يقاضي والده ويجرجره في المحاكم!! وإذا ناقشنا الموضوع بعقل ومنطق، فديننا وعاداتنا وتقاليدنا، ترفض الموضوع جملة وتفصيلا، ولا يمكن أن نناقش مبادئ تربينا ونشأنا عليها، وسرت مسرى الدم في العروق، فلا يمكن لمجتمعاتنا قبول فتاة تقاضي والدها؛ لأنه لم يقبل زواجها من شاب تركي، فمن ربى وتعب وسهر الليالي، وأفنى عمره، وحرم نفسه لأجل فلذات أكباده، لا يمكن أن يأتي في يوم ويمنع الخير عنهم.
الزواج تكافؤ، وعادات وتقاليد، وشريكان يعيشان، ومشروع لبناء أسرة، وبالتأكيد المعيدة الحالمة بفتى الأحلام التركي لم تخض تجربة الحياة الحقيقية بعد، ولو تركها والدها تفعل ما يحلو لها بالتأكيد ستواجه الصدمة، ولكن بعد فوات الأوان، وفتاة الخليج ليست الوحيدة التي خرجت عن المألوف في عصر الانفتاح والفضاء المفتوح الذي نعيشه اليوم، فالكثير من الحالمات مثلها انبهرن بالشعارات والمناظر والعناوين الرنانة، ورؤية الإيجابيات في المجتمعات التي تصدر لنا المسلسلات، ولم يرين الشوارع الخلفية والنائمين على الأرصفة، وهؤلاء الحالمات عندما يستفقن من نشوة لحظاتهن الوردية يستفقن ولكن وهن يسقطن على جذور رقابهن.
إن أصحاب النظرة الضيقة، من أيد وساند ووقف مع المعيدة الحالمة، من تجد عندهم الأسباب معلبة، يقدمونها لأي مشكلة، لم يكلفوا أنفسهم بالبحث عن الأسباب الحقيقية للعنوسة، وإن كنت مدركاً تماماً أنهم يقولون ما لا يفعلون، وأنهم لن يقبلوا فعلة المعيدة لو فعلتها إحدى بناتهم، أو أخواتهم، فلماذا نقبل لغيرنا ما لا نقبله لأنفسنا!! ثم هل من أيد هذه الفتاة الخليجية الحالمة بقصة عشق وغرام، كالتي دارت بين مهند وسمر، وإن كنت أشك في امتلاك المعيدة مقومات الحسناء التركية، يريدون بالفعل حل قضية العنوسة بدولنا الخليجية، فإن كانوا جادين بالفعل ويرون أن زواج بناتنا من أجانب سيحل القضية ويريح أفئدتنا فليبدأوا هم ويجمعوا من أسرهم وأقربائهم، ومن أمثال المعيدة الحالمة، ممن فاتهن قطار العشق الممنوع والحب، ونعمل جميعاً على جلب أزواج لهن من دولنا العربية المسلمة، ولنبدأ من الصومال مثلاً؛ لنضرب عصفورين بحجر واحد: نسهم في حل قضية العنوسة، ونفك من ضيم وشقاء إخواننا في الصومال!!


m.eisa@alittihad.ae