إذا أردت اليوم أن يعرف الناس أنك من “المثقفين”، ما عليك إلا أن تطلق لحيتك، وشَعْرك، “لا شِعرك”، وتتنكب حقيبة في كتفك، وتجعل من السيجارة أو السيجار أو الغليون رفيقاً، وتجلس في مقاهي المثقفين، عندها ستحظى بلقب “مثقف”، حتى لو لم يكن لك أي أثر أو صلة بالثقافة! كثير من البلاد والشعوب، تعرف من خلال مثقفيها، فما أن نذكر شكسبير مثلاً، حتى يذكر الأدب الإنجليزي، أو بريطانيا، ولو أردنا التعريف ببلد ككولومبيا، ما علينا إلا ذكر اسم غابريل غارسيا ماركيز و”مائة سنة من العزلة”، أو “حب في زمن الكوليرا”. ذات يوم تعطلت إشارة المرور في أحد شوارع أبوظبي، وفي وقت ذروة الازدحام، فما كان من أحد المواطنين الموجودين إلا أن ترجل من سيارته، لينظم عملية المرور بكل سلاسة، مع التزام الجميع، وكأن شيئاً لم يكن. أكثر ما نحتاج إليه ذلك السلوك الذي يتحول مع الوقت والممارسة إلى ثقافة، في كل الميادين. يقاس رقي المجتمعات الفكري والأدبي والاجتماعي بثقافتها، ولا يقتصر مفهوم الثقافة على الأفكار وحسب، بل يشمل السلوك، فالسلوك بحد ذاته ثقافة، فالمحافظة على النظافة، أو البيئة، أو التقيد بنظام المرور، أو غيره من القوانين، وأنماط السلوك، لن يكون فاعلاً إلا عندما يتحول إلى ثقافة، وعندها لا نحتاج لوضع مراقب، أو شرطي على كل فرد لمنع المخالفات، إنما يغدو أفراد المجتمع، رجال شرطة مساعدين ومساهمين في البناء. وقد اهتمت الأمم المتقدمة بالثقافة باعتبارها من مكوّناتها، فما الذي يدفع السير ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق للقول “لو خيّرت بين أن تخسر بلادي مستعمراتها أو تخسر شكسبير لفضلت الأولى” لو لم يكن للمثقف دوره العظيم؟ يقال ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه، ورجل ثَقْفٌ وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم، وأتبعوه فقالوا ثَقْفٌ لَقْفٌ. وقيل رجل ثَقْفٌ لَقفٌ رامٍ راوٍ. وقيل رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ وثَقِفٌ لَقِفٌ وثَقِيفٌ لَقِيف بَيِّنُ الثَّقافةِ واللَّقافة. وقيل رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ إذا كان ضابطاً لما يَحوِيه قائماً به. ويقال: ثَقِفَ الشيءَ وهو سرعة التعلم، وقيل ثَقِفْتُ الشيء حَذَقْتُه، وثَقِفْتُه إذا ظَفرْتَ به. وثَقُفَ الرجلُ ثَقافة أي صار حاذقاً خفيفاً مثل ضَخُم، فهو ضَخْمٌ، ومنه الـمُثاقَفة. وثَقِفَ أيضاً ثَقَفاً مثل تَعِبَ تَعَباً أي صار حاذِقاً فَطِناً. الأعشى: وهنّ منتصلاتٌ، كلّها ثقفٌ تخالهنّ، وقدْ أرهقــنَ، نشّابـــا فكرّ ذو حربةٍ تحمي مقاتلهُ إذا نحا لكلاهـــا روقهُ صابـــــا لمّا رأيتُ زماناً كالحاً شبماً قَد صَارَ فيهِ رُؤوسُ النّاسِ أذْنَابَا Esmaiel.Hasan@admedia.ae