قد يبدو الأمر وكأنه تعمد رغم أن ذلك مستحيل، فلا يصدق أن هناك والدين يطاوعهما قلباهما على إلحاق الأذى بفلذات الأكباد، لكنه الإهمال الذي يزداد ويكاد يتفاقم هذه الأيام، لدرجة أنه لا يمر يوم دون أن نسمع عن جريمة بحق طفل تفضي في النهاية إلى كثير من الألم والتعاسة للضحايا من الأطفال، إن حالفهم الحظ ونجوا من الموت، لتستمر المعاناة إلى وقت طويل في وجدانهم بكل تأثيراتها النفسية والجسدية، وبلا شك فإن الوالدين يصيبهما أيضاً الألم والحسرة والتعاسة في كثير من الأحيان. وقد سمعنا قبل أيام عن اختناق طفلة في سيارة والدها الذي نسيها في السيارة في هذا الحر، فانتقلت إلى جوار ربها لكن قلوب ذويها لاشك أنها ستتآكل بمزيج من الألم والحسرة، وبعدها بأيام قليلة سمعنا عن ذلك الطفل الذي تركته أمه مع إخوانه يلعبون في المول، بينما انشغلت هي بالتسوق إلى أن اكتشفت اختفاءه بعد ساعتين لتبدأ عملية بحث مع رجال الأمن أسفرت في النهاية عن اكتشاف أنه تعرض للاختطاف من قبل حراس المول أنفسهم، وتعرض عرضه للانتهاك وما رافق ذلك من تجربة ستلازمه طوال عمره بعد اغتيال براءته. قصة أخرى، ترك فيها الأب ابنه ذا السادسة في محل الحلاقة وعاد له بعد ساعة فوجد المحل مغلقاً وقبل أن يعرف ما حل بولده، سمع صراخاً ينبعث من الخلف فتتبع مصدر الصوت ليجد ولده مضرجاً بالدماء، وقبل يومين كنت في متجر كبير وكان هناك طفل يصيح، ولا أحد يعيره أي انتباه فاقتربت منه محاولة إسكاته والبحث عن والديه. ومر وقت طويل ولم يتقدم أحد ولم تطاوعني نفسي تركه عند رجال أمن السوبر ماركت وهو لا يعرف النطق، وبالتالي لا يعرف اسمه ولا اسم والديه فنادى الحارس عبر أجهزة تكبير الصوت على أن من فقد طفلاً لم يتجاوز الثانية عليه أن يراجع مكتب الأمن، ولم يحضر أحد وانتظرنا طويلاً ولم يحضر أحد إلى أن صادف مرور سيدة تعرفه، فاتصلت بوالدته التي كانت نسيته معتقدة أنها تركته في المنزل. شيء لا يصدق ولا يمكن تبريره لكنه إهمال للأسف لا يعاقب عليه القانون. قصص اغتيال الطفولة تتكرر لأن الذئاب البشرية يعيشون بيننا دون أن نعرفهم، ولذلك فليس من حل سوى الحذر والانتباه للأطفال، فمهما تمت مكافحة الجريمة بعد وقوعها فلن يفيد ذلك بعد أن تكون الفأس وقعت في الرأس، فمثل هذه الجرائم تجب محاربتها قبل وقوعها وليس بعد وقوعها والوقاية خير من العلاج. bewaice@gmail.com