يوماً بعد آخر، يتزايد عدد الشباب والشابات الإماراتيين الذين يثبتون للمجتمع كله همتهم العالية في فعل الخير، مشاريعهم الفردية الخيرية تثير الفخر في نفس كل من يتابعهم، فتيات في مقتبل العمر جندن أنفسهن لإسعاد الصغار عبر حملات فردية الجهد والتنظيم لجمع اللعب القديمة وإعادة غسلها وتنظيفها وحياكتها لإسعاد الصغار المحتاجين بها. شبان يتناقل الجميع عناوينهم، يجمعون الملابس الرجالية ويرتبونها ويغسلونها لتكون ستراً لإخوانهم المحتاجين، وفتيات يجمعن العباءات والملابس، أخريات يساهمن في تبادل أغراض تحتاجها العرائس، مشاريع تمسهم وتلامس شريحة الشباب، هم يعرفون كيف يديرونها ويوصلون ما يجمعون إلى المحتاجين (الذين تحسبهم أغنياء من التعفف). مشاريع فعل الخير المتزايدة في البيئة المحلية الإماراتية تثبت أن ثقافة التطوع في المجتمع ليست مقصورة على الوقوف في المؤتمرات أو تنظيم المعارض، هي ليست تطوعاً من أجل الاستعراض كما يفعل البعض الذين تجدهم في الفعاليات كافة حاضرين ويصرحون لوسائل الإعلام، هي ثقافة التطوع لنشر الخير دون البحث عن بهرجة ولا عن تلميع إعلامي. هؤلاء الفتية والفتيات يعملون في صمت وراء الأضواء، آخر همهم أن تصل إليهم وسيلة إعلام، وأكبر همهم أن يبقوا مجهولين، يحاولون التخفي إلا عن من يرغب عمل الخير ومد يد المساعدة، لكن الوسائل التكنولوجية الحديثة بدأت بتمرير صوتهم للمجتمع، ومرت أرقامهم لراغبي الخير وتقديم العون. هناك أسر محتاجة، ليس شرطاً أن تكون إماراتية، لكنها أسر تعيش بيننا، حاجاتهم مختلفة ما بين ملابس وألعاب وأدوات مطبخ وحتى كهربائيات، بالطبع تتلقى معظم هذه الأسر مساعدات من الجمعيات الخيرية، لكن المجتمع نفسه يحاول أن يساند بطريقته الخاصة، طريقة تبتعد عن تقديم إقرارات نصف سنوية وتصوير الطفل اليتيم مرتين كل عام لإرسال الصورة لكافله كي يستمر الاقتطاع الشهري. التكافل الاجتماعي الشعبي موجود منذ القدم في المجتمع الإماراتي، تزينه أفعال بسيطة وتزيد من روعته جهود جديدة، يجمع الشباب احتياجات متوافرة في كل البيوت الإماراتية، وهي بالعموم لا تجد ترحيباً من الجمعيات الخيرية التي تجمع المساعدات العينية، لأن هذه الجمعيات توجه أغلب جهودها العينية خارج الدولة، وبالتالي لا يحتاج الناس هناك إلى “كنادير” وعباءات إماراتية، بينما يوجه الشباب والشابات جهودهم إلى أسر داخل الدولة تحتاج هذه الأمور لتكون لباسها وكسوتها، وهي تحتاجها بصفة دائمة. الشباب الطموحون الذي يديرون هذه الحملات الشعبية هم نواة جيدة للجيل القادم، يبددون صفة الأنانية التي يحلو للبعض نعتهم بها، ويثبتون أن المجتمع ما زال بخيره، لم يفقده التحضر المتسارع روح الإنسانية المتأصلة فيه.