أن تكون من الإمارات أو مقيماً فيها، وتذهب الى أي بلد بقصد الزيارة او العمل، تتوقع أن تلقى ذات المستوى الراقي من الخدمات التي تقدم لك هنا. وعندما لا تجد الحد الأدنى منها، يساورك الشك بأن السعي الدائم وراء جودة الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم التي تحرص مختلف الدوائر في الدولة على تقديمها ربما تكون قد “دللتنا” لدرجة لا نقبل بأقل منها. أسوق هذه المقدمة ونحن نعايش روايات ومشاهدات العائدين ممن أنعم الله عليهم بأداء فريضة حج هذا العام. وهي مشاهد ومواقف تتكرر هناك في الديار المقدسة بعد أن تحولت مواسم الحج او العمرة الى مواسم لاستغلال ضيوف الرحمن أسوأ استغلال في ظل غياب أي متابعة حقيقية أو رقابة من قبل المعنيين بالأمر سواء في تلك البقاع او غيرها. ولا تجد تفسيراً للمستوى المتردي من الخدمات لحاج دفع ما لا يقل عن خمسين ألف درهم لقاء أن ينعم بلحظات من الصفاء الروحي والتفرغ لأداء الشعائر والمناسك من دون منغضات. وإذا به يجد نفسه يطارد أبسط احتياجاته اليومية، وتتوج المعاناة بتركه عالقاً في المطار لأيام !!.
المستوى المتدهور من الخدمات والتنظيم في المشاعر المقدسة والذي يلمسه الزائر، رغم الإمكانيات والموارد الهائلة المتاحة يضع قدراتنا في تنظيم الامور بسلاسة كمسلمين على المحك. خاصة مشاهد بقايا الأطعمة والمأكولات التي تترك عند كل موقع بهذه الصورة من الفوضى والقذارة، وكذلك غياب الأعداد الكافية من دورات المياه بحيث يُترك عدد كبير من حجاج بيت الله وبالأخص في منى بلا دورات مياه كافية، بل حتى من دون مياه- كما حدث في يوم التروية عندما كانت مساحات واسعة من خيام الحجيج بلا مياه بسبب خلل في أحد أنابيب الضخ الرئيسي.
أما ما جرى في رحلة العودة من عرفات الى منى مروراً بمزدلفة فلا يكاد يصدق، حيث اختنقت مسارات الطريق بعشرات الآلاف من الحافلات التي قطعت المسافة الفاصلة التي لا تقل عن تسعة كيلومترات فيما يزيد على ثلاث عشرة ساعة، في أجواء من التلوث البيئي جراء ما تنفثه عوادم تلك الآلاف المؤلفة من الحافلات. لتبرز أمامي مقارنة مع ما شاهدته في مدينة شنغهاي الصينية قبل اسابيع من الحج حيث زار تلك المدينة اكثر من75مليون زائر الى جانب عدد سكانها ال 25مليون نسمة، ومع ذلك لم نجد في المدينة التي استضافت معرض “اكسبو” على مدار ستة أشهر هذا الاختناق المروري، بعد أن ضخت سلطاتها 60 مليار دولار لتطوير بنيتها التحتية، واصبحت معه تحويلات ومفارق الطرق من أربعة ادوار تستوعب أي ازدحام أو اكتظاظ. واذا كان الرهان اليوم كبيراً على الخطط التطويرية لمناطق المشاعر، فإن الأمر يتعلق بكيفية التعامل مع نزعة الاستغلال البشع الذي يتعرض له الحجاج والمعتمرون على يد تلك الفئة من المقاولين ممن هم على دين سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي رفع لواء” من غشنا فليس منا”.


ali.alamodi@admedia.ae