لأن الحرائق مستمرة، ولهيبها يزداد استعاراً يوماً بعد آخر، وسط إهمال البعض، وغض البعض نظرهم عن التجاوزات والمخالفات التي ترتكب، وتكون السبب الرئيس لأغلب إن لم يكن لكل الحرائق التي تشتعل في مختلف أنحاء ومناطق الدولة، فلا بد أن يتصدى لها أصحاب المسؤولية، بشكل مباشر دون إبطاء، لأنهم أصحاب الشأن والاختصاص وعليهم تطبيق مقولة “درهم وقاية”، خصوصا أننا ما زلنا في بداية فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة وتزيد معه حوادث الحرائق التي أضحت شبه يومية، وهذا ليس مستغرباً مادامت التجاوزات مستمرة من البعض والمخالفات تمر مرور الكرام أمام أعين المراقبين.
أصحاب المنشآت لن يكفوا عن المخالفة والبحث عن “الرخيص” وغير المطابق للمواصفات القياسية للتمديدات الكهربائية وسبل الأمان، لأنهم يتطلعون دائما إلى الربح دون النظر إلى الخسائر التي تتكبدها الدولة والمجتمع والاقتصاد جراء الحرائق المستمرة.
والجهات المعنية مطالبة في ظل هذه المعادلة “الحارقة” أن تطبق أشد العقوبات بحق أصحاب مثل هذه المنشآت حتى يكونوا عبرة لغيرهم، ولكن السؤال الذي يلح علينا ونطرحه على الجهات المعنية “كيف يتم الترخيص لمثل هذه المنشآت وإن كانت بشكل مؤقت؟”، كيف يتم قبول تمديدات أقيمت “كيفما اتفق” والترخيص للمنشأة؟، وبعد أيام قليلة نفاجأ بحريق يندلع ويستنفر قوات الدفاع المدني من أكثر من جهة للسيطرة عليه، والغريب في الأمر أن أسباب معظم الحرائق التي نسمع عنها ونراها يعيدها المختبر الجنائي إلى “تماس الكهربائي” أو رداءة التمديدات، والصحيح أن سبب الحريق معروف وبفعل فاعل “هو صاحب المنشأة” وكذلك الجهة التي منحته الترخيص.
لا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمل “مثل النعام” ونغطي على مثل هذه الجرائم، بعبارة الحريق بسبب تماس كهربائي، لو كان هناك نظام إنذار مبكر وشبكة بمواصفات ومقاييس معتمدة، فور حدوث تماس لانفصل التيار.
نتمنى أن يتم التشديد أكثر من قبل الجهات المعنية وعدم السماح لأصحاب المنشآت بمواصلة هذه اللعبة الخطرة مع الأجهزة المعنية ولماذا لاتكون هناك عمليات تفتيش مستمرة على المنشآت للتأكد من التزامها بالمواصفات والمعايير المقررة سواء للبناء أو التمديدات الكهربائية وأنظمة الأمن والسلامة؟. والمنشأة التي يندلع فيها حريق بسبب عدم الالتزام بالمواصفات والمقاييس المقررة عليها أن تدفع تعويضات “تقصم الظهر”.
المتتبع لمسلسل الحرائق والذي يشبه المسلسلات التركية في امتدادها يلحظ أن أغلبها تشب بكرفانات مؤقتة نصبت للعمال في مواقع عملهم، ومعظمها حسب مشاهدات عينية لا تلتزم بمواصفات الأمن والسلامة. والنوع الثاني من الحرائق يشب في الإضافات العشوائية لأغراض استثمارية، وهنا يزداد مؤشر الخطر بسبب تغليب المصلحة الخاصة على العامة، لأن هم المستثمر الأول هو إضافة أكبر عدد من الغرف والأسرة في أصغر مساحة ممكنة دون مراعاة لأي اشتراطات أو مواصفات للأمن والسلامة، بالإضافة إلى الإهمال في توصيلات أنابيب الغاز التي تكون بالفعل قنابل موقوتة دون مراعاة لخطورتها، ندعو الله أن يتوقف هذا المسلسل المخيف.




m.eisa@alittihad.ae