لا شك في أن الغَرْف من «اللغة العربية» لا يزيد الباحث إلا حباً إلى حب، ورغبة إلى رغبة في المزيد من الغوص والاكتشاف، كيف لا وهي لغة أهل الجنة، ولغة الكتاب المعجز! ولن تنفد العربية ما دامت غنية كل هذا الغنى (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحرُ قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا)، «الكهف - 109». كثيراً ما تلفت النظر ألفاظ على الألسنة يُظن أنها عامية، ولكنها فصيحة، بل من الجميل فيها أن حروفها الصوتية توحي بدلالتها دون عناء البحث، مثل دَمْدَمَ، وطَحْطَحَ، وغيرهما، فنقول: دمَّ الرجل فلاناً إذا عَذَّبه عذاباً تامّاً. ودَمْدَمْتُ الشيء إذا ألْزَقْتَه بالأرض وطحْطحْته، ودَمَّهُمْ يَدُمُّهُمْ دَمّاً: طحنهم فأهلكهم، وكذلك دَمْدَمَهُمْ ودَمْدَمَ عليهم. وفي التنزيل العزيز: (فدَمْدَمَ عليهم رَبُّهُمْ بذَنْبهم) «الشمس 14»؛ أي أهلكهم، قال: دَمْدَمَ أَرْجَفَ؛ ودَمْدَمَ أي غَضِب، وتَدَمْدَمَ الجرحُ: برأَ؛ قال نصيب: وإن هَواها في فؤادي لقُرْحَةٌ دَوىً مُنذُ كانت، قد أَبَتْ ما تَدَمدَمُ الدَّمْدَمَةُ: الغَضَب، ودَمْدَمَ عليه: كَلَّمَه مُغْضَباً؛ قال: وتكون الدَّمْدَمَةُ الكلام الذي يزعج الرجلَ، إلاَّ أن أكثر المفسرين قالوا في دَمْدَمَ عليهم أي أرْجَفَ الأرضَ بهم؛ وقيل معنى دَمْدَمَ عليهم أي أطبق عليهم العذاب. ويقال للشيء يدفن: قد دَمْدَمْتُ عليه أي سوَّيت عليه. ويقال الطَّحْطَحةُ تفريق الشيء إهلاكاً، وطَحْطَحَ في ضَحِكه وطَخْطَخَ وطَهْطَهَ وكَتْكَتَ وكَدْكَدَ وكَرْكَرَ بمعنى واحد. أما الطَّحُّ فهو البَسْطُ، وطَحَّه يَطُحُّه طَحًّا إذا بسطه فانْطَحَّ؛ قال: قد رَكِبَتْ مُنْبَسِطاً مُنْطَحَّا تَـحْسَبُه تحتَ السَّرابِ المِلْحا يصف خَرْقاً قد علاه السراب.,وطَحْطَحَ الشيءَ فتَطَحْطَحَ: فرّقه وكسره إهلاكاً. وطَحْطَحَ بهم طَحْطَحَةً وطِحْطاحاً، بكسر الطاء، إِذا بَدَّدهم. ويقال جاءنا وما عليه طِحْطِحةٌ، أو ما على رأْسه طِحْطِحة أي ما عليه شعرة. أبو القاسم الشابي: فويل لمن لم تَشُقهُ الحيـــا ة من صفْعة العدَم المنتصرْ ودمدمتِ الرِّيحُ بين الفِجاج وفوق الجبال وتحت الشجرْ: إذا ما طمحتُ إلى غايــــــةٍ ركبتُ المُنى، ونسِيت الحذرْ ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبَدَ الدهر بين الحفرْ Esmaiel.Hasan@admedia.ae