خرج اليمن من باب لكنه لا يزال في كل الأبواب.. ودع البطولة، غير أنه لا يزال في صلبها، فكيف يتركها وهي على أرضه وبين جماهيره.. كيف يتركها، وكانت الأمل الذي راوده طويلاً، واليوم تحقق، وإن ضاع حلم المنافسة على لقب «خليجي»، ففي الدورات المقبلة متسع. بالأمس، وصلت إلى اليمن لمتابعة باقي مباريات وأحداث «خليجي 20»، ومنذ أن وطئت قدماي تراب هذا البلد الشقيق، شعرت كم كنا على حق حين جئنا إلى هنا، وكم كان اليمن على حق، حين تمسك بإقامة البطولة في موعدها، لأنها بالنسبة إليه أكثر من مجرد منافسة على أحد ألقاب الكرة الخليجية.. إنها عنوان لمرحلة جديدة ينشد اليمن دخولها من بوابة الرياضة، وهو المعنى الذي تقرأه وتراه على جبين كل اليمنيين، الذين وإن خلف أداء الأحمر في نفوسهم مرارة وألماً، غير أنهم لم يفقدوا بعد تفاؤلهم، فلديهم ما هو أكبر من الكأس.. لديهم البطولة بأسرها. وبالطبع، يؤخذ على مسؤولي الرياضة اليمنية أنهم لم يمهدوا لهذا الأمر المتوقع، في ظل التباين الفني بين المنتخب اليمني والكثير من المنتخبات الخليجية، وهي فوارق لا يسدها مجرد أن البطولة على أرض اليمن، لكنهم غالوا في تفاؤلهم وأكدوا للجماهير اليمنية أن البطولة لن تخرج من صنعاء، وحتى بعد الخسارة بالأربعة في الافتتاح، لم يتخلوا عن ذلك، وأكدوا أن التعويض قادم، وكان الأولى بهم أن يفصلوا عند الحديث عن البطولة بين التنظيم والمنافسة، وأن يروجوا فقط للنجاح في التنظيم باعتباره الأهم لدى اليمنيين، بدلاً من أن يعدوهم مع «عنب اليمن» بـ«بلح الشام». بالطبع نلتمس العذر للجماهير في غضبها، خاصة من المدرب ستريشكو الذي حصل على الكثير، وفي المقابل لم يقدم شيئاً، وكان من أخطاء المسؤولين عن إدارة الكرة اليمنية أنهم أعلنوا عن أرقام فلكية لإعداد الأحمر، يراها المواطن البسيط كفيلة بتغيير حياته، لكنه كان يمني النفس بفرحة توازي هذه المبالغ والمعسكرات والصبر الطويل، قبل أن تتبخر آماله وأمواله. لقد كان الأحمر اليمني بصدق هو المنتخب الوحيد الذي يهم كل خليجي بعد منتخب البلد التي ينتمي إليه، وهو أيضاً الفريق الوحيد الذي لو فاز بالبطولة لما حزنت جماهير بقية المنتخبات الأخرى، ففي هذه البطولة بالذات كنا حريصين على أن تكتمل فرحة اليمن الشقيق وألا يعكر صفوها شيء، وبعيداً عن كونه البلد المنظم للبطولة، فإن «خليجي 20» بالذات لها خصوصية هذه المرة.. خصوصية شعب وخصوصية أمل وأمانٍ رحبة برحابة صدور أهل صنعاء وعدن وبقية المدن اليمنية التي رأيناها جميعاً تشع براءة ونقاء وعفوية في حفل افتتاح البطولة الذي جاء مختلفاً من كل الوجوه، وجاء بمثابة عنوان عريض لتطلعات بلد يريد أن يلحق بما فاته وينفض عن نفسه غبار الأمس. كل هذه المعاني، جعلتنا نشفق على «الأحمر»، وهو ينال رباعية قاسية من الشقيق السعودي، ثم وهو يخسر من قطر بعد أن كان متقدماً، لكن تلك هي الكرة، وإذا كان المنتخب من وجهة نظر اليمنيين قد خذلهم، فلا يجب أن يخذلوا أنفسهم، فالبطولة هي اللقب الحقيقي ونجاحها يساوي ألف كأس. كلمة أخيرة: مثلما نشعر تجاه اليمن.. أجزم بأن قلبه يتسع للكثير، حتى لبطل غير «الأحمر»، فالبطولة لديه هي الأهم، وهي المنتخب الذي التفوا حوله. mohamed.albade@admedia.ae