في فترة من فترات تطور مجتمع الإمارات، كانت الديون وظاهرة الاقتراض من البنوك واحدة من الظواهر الاجتماعية السلبية التي برزت على سطح المجتمع بشكل مثير للانتباه، وقد تناولها الإعلام بالنقاش والتحليل والتحذير، كما استعرضتها مؤسسات السلطة المختلفة وجهات عديدة ذات صلة، مثل المجلس الوطني والمصرف المركزي، لما أفرزته من نتائج سيئة على المجتمع وعلى الاقتصاد معاً، خاصة أن مديونية مواطني الإمارات كما جاءت في إحصاءات رسمية شكلت أعلى نسبة ديون على مستوى العالم، في وقت اعتبر فيه الدخل الفردي للمواطن الإماراتي هو الأعلى عالمياً، ما وضع علامة تعجب واستفهام معاً، وكان لا بد من علاج بعد أن زاد عدد القضايا أمام القضاء والمحاكم. كان الشباب يستدينون لشراء سيارات فارهة تزيد أثمانها على معدلات دخولهم الشهرية، في مرحلة كانت المباهاة مرضاً متفاقماً بين الجميع، وكانوا يستدينون لتبديل هذه السيارات بأخرى سنوياً، وكانوا يستدينون للسفر صيفاً وشتاء، وكانوا يستدينون لاحقاً لتلبية متطلبات الزواج، ثم صارت القروض الطريق الأسهل للمضاربة في البورصة والمجال العقاري، وهلم جرا، لكن هناك من اقترض لحاجة ماسة وفعلية، ولأنه لم يجد طريقاً آخر يلجأ إليه سوى البنوك، حيث كانت مثل مغارة على بابا، الكل يستطيع الدخول والغرف من خزائنها لقاء ضمانات تافهة. وعندما وقعت “الفأس في الرأس” كما يقول المثل، وأرخت الأزمة المالية بذيولها على العالم وعلينا، وعندما دب توقف الانسياق وراء سوق الأسهم ومداخيله الخيالية، عندها ذاب الثلج وبان المرج، فإذا الكل خسران ومديون، وإذا بقرارات بنكية مختلفة تماماً وصارمة جداً وغير معهودة لحماية اقتصاد البلد وحماية الناس أيضاً، فكان قرار المصرف المركزي الأخير بشأن الضمانات وسقف الديون وتنظيم آليات السداد، وهنا بدأت شكاوى من نوع آخر تلوح في الأفق من قبل أصحاب الديون المتراكمة تلك!! هذه رسالة قارئة مثقلة بهذا النوع من الديون التي تراكمت عليها لسنوات، تقول تقول القارئة في رسالتها: “ .... أنا فتاة عمري 29 عاماً وأعمل ولله الحمد، تراكمت علي الديون بسبب الالتزامات العائلية، وهي التزامات لا علاقة لها بالرفاهية، لكنني اضطررت للاستدانة بسبب بناء منزل لعائلتي ولإكمال دراستي العليا، لقد كان البنك هو الملجأ في كل حالة طارئة عندما تضيق بي الحال عن الوفاء بالمتطلبات المادية، لكن وبعد قرار المصرف المركزي الأخير فقد أصبح من الصعب، بل ومن المستحيل اللجوء إلى البنك كما كان الوضع سابقاً! إن هذا القرار على الرغم من إيجابياته، فإن له بالنسبة للبعض سلبيات غير منظورة لا يعرفها إلا من يعانيها، فالاستقطاع الذي يتم من الراتب كبير، وفي حالة حدوث طارئ أو حاجة ماسة للمال لا يعرف أحدنا لمن يلجأ، خاصة أن الأشخاص الذين يعانون تراكم الديون أشخاص محدودو الدخل والإمكانات، ما يوجب على المصرف البحث لهم عن حلول أو بدائل لضمان انسيابية حياتهم وسريان القرار في الوقت نفسه”. نضع الرسالة بين يدي أهل الرأي من مسؤولي المصرف المركزي للنظر في شكاوى هؤلاء المواطنين، ثقة في حكمتهم وحسن تصرفهم. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com