من يملك الجرأة ويتسلل ويتخفى ويتوغل كالثعبان في المنزل بحثاً عن المفتاح، أو الريموت كنترول بعدما باتت أغلب السيارات تعمل به، حتى تلك الكورية والصينية والهندية، ليسله من مخبئه، ويترجل أو تترجل وتفتح أبواب السيارة وتحرر محركها ثم تنطلق بها، خاصة في أنصاف الليالي، عندما تهجع الأبدان، وتغمض العيون، ويخلد الأهل في سبات عميق، ويسابقون بها عباب الريح، ويخرجون من مناطقهم ويتجولون بين المدن القريبة والبعيدة، يسلكون الطرق السريعة، بعد أن ينهوا عبثهم بالشوارع الداخلية، لا يردعهم خوف أو قانون، هؤلاء جن، وليسوا أطفالاً، وإن كانت أعمارهم دون الخامسة عشرة. فما نسمع به اليوم من حوادث وقضايا يروح ضحيتها فلذات أكبادنا، يشيب لها الرأس، ولا تصدق، وتكون أشبه بسيناريوهات تصلح للتداول في هوليوود أو بوليوود، وليست قصصا حقيقية دارت أحداثها بين ظهرانينا وفي شوارعنا التي يتحول هدوؤها وسكونها النهاري إلى مسرح لأحداث مفجعة وقصص غريبة عجيبة نعرفها جملة وتفصيلاً، نعم قضية سرقة مفاتيح السيارة من الأهل والتسكع بها وقيادتها ليست بقضية جديدة، وكنا نمارسها ونحن صغار، ولكن ليس بالمنظر الذي نشاهده اليوم، ولا بالجرأة التي يفاجئنا بها أطفال في عمر الزهور يتربصون بذويهم، منتظرين خلودهم للنوم ليظفروا بالغنيمة ويحصلوا على المفتاح ومن ثم ينطلقون بالسيارات في الشوارع منتصف الليل، ولا يعودون الى مع خيوط الفجر الأولى، والمحزن والأكثر ألماً تجرؤ الفتيات ودخولهن في سباق مع الأولاد لممارسة هذه الفعلة الشنيعة التي سرعان ما يندمون عليها، وقد لا يمهلهم القدر الندم فيخلفون الحسرة والألم في نفوس وقلوب ذويهم. وقد سمعنا في الأشهر الماضية حوادث اقشعرت لها الأبدان، وآلمت البعيد والقريب، وأحزنت القاصي والداني، وأدمت قلوب الجميع، فتاة في ربيعها السادس عشر، تخرج من منزلها في الثالثة فجراً وتتجرأ على قيادة مركبة، ومعها شقيقتاها، الأولى في ربيعها الرابع عشر، والثانية في ربيعها الثالث عشر، تخرج للطريق العام، لتكتب الأقدار نهاية مؤلمة لهن، بعد تعرضهن لحادث مروري، راح ضحيته الشقيقتان الأولى والثانية فيما أصيبت الشقيقة الكبرى صاحبة الستة عشر ربيعاً بإصابات، وبعده بأيام شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر يؤول لنفس المصير ولنفس السبب، وهناك الكثير الكثير من الحوادث الشبيهة التي يروح ضحيتها شباب وشابات بعمر الزهور نتيجة قلة وعي، وإهمال من الأهل، وبحكم أننا في فصل الصيف أتوقع أن تكثر هذه الحوادث ما لم تقم الأسر بالمقام الأول بدورها الكامل، وتؤمن حياة أطفالها، فالأسر أكرر وأقول المسؤول الأول ويجب عليها أن تكون أكثر وعياً ورقابة على أبنائها وبناتها لتجنبهم هذه النهايات المأساوية، كما للجهات الحكومية مثل الشرطة دور مكمل، في مراقبة المتجاوزين وردعهم، وتكثيف الدوريات والعسس في الأحياء لمنع كل من تسول له نفسه العبث بالقوانين. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae