اعتدنا أن تكون الزحمة مزعجة، فهي دليل على الانشغال، وعدم القدرة على إنجاز الأشياء في وقتها، فيبدو المرء مشتتاً بين هذا وذاك، وحتى لو لم تكن الزحمة في عمل، تكون أيضاً من هذا الصنف، حين تتنازعك أحاسيس شتى فتنقلك من النقيض إلى النقيض أو من لون إلى لون .
لكنني اليوم وقبله، لا أجد إزعاجاً في هذا الزحام الذي يتنازعني، ما بين المنتخب الأول في اليمن بكل تفاصيل خليجي 20 وبين أبيضنا الأولمبي في آسياد جوانزو بالصين، وليت كل الزحام من هذا الصنف الجميل والمنعش، الذي يشرق في النفس بأكثر من شمس.
اليوم، يلعب منتخبنا الأولمبي مع اليابان في نهائي الكرة بالآسياد، مسطراً صفحة تاريخية بصعوده إلى هذه النقطة التي لم تصل إليها منتخباتنا من قبل، ليثبت معها أن ما حققه وما سطره من قبل في كافة أطواره كان يستند إلى قدرات حقيقية، وليس إلى طفرات وقتية تعتريها فصول متنوعة، وإنما هو ثابت على فصل واحد..هو فصل الربيع الزاهر والنابض بالحياة والتألق.
ومع الأولمبي، خطا منتخبنا الأول، أو «الفريق الاضطراري» خطوة لا بأس بها بالتعادل مع الشقيق العراقي الرهيب في أولى مبارياتهما ببطولة خليجي 20، وأقول الاضطراري لأن التشكيلة التي لجأ إليها السلوفيني كاتانيتش مدرب الفريق، تأثرت بعوامل كثيرة، فنجوم الأولمبي في الصين، وأسماء الوحدة في مدينة الإسماعيلية المصرية، بعد قرار تفرغهم لمهمتهم المونديالية، وبالرغم من ذلك، أثبتت التشكيلة الحالية في كأس الخليج أنها على قدر المسؤولية، وأن لديها ما تقدمه، وأن كل لاعب لم يعد ينظر لنفسه وإنما للهدف الأسمى، حتى وإن تشبث بالفرصة التي جاءته في زحمة الأحداث والأماني والتطلعات للكرة الإماراتية.
أحسب أنه ليس شعوري وحدي، وإنما هو شعور كل الجماهير الإماراتية، التي أسعدها ما يقدمه منتخبنا الأولمبي في الصين، وبات مبعث فخر لها، لا سيما أنه بات سفيراً للعرب يحلق بأمانيهم وتطلعاتهم.
واليوم، وبالرغم من صعوبة المهمة، وما يكتنفها من صعاب، إلا أن فريقاً كالذي يمثلنا هناك لا يبعث أبداً على القلق، وقد كان ذلك مبعث رهاني عليه من البداية حين قلت إنه يشارك في الآسياد بوصفه سيداً، وإن هذه الأجيال التي يواجهها في جوانزهو ليست أفضل منه، وإنما هو الأفضل بشهادة تاريخية حصل عليها من الأمم الآسيوية وكأس العالم المصرية.
ومن اليمن إلى الصين، لن نحرم أنفسنا من الأمنيات، فقد بات لدينا جنود في أكثر من ميدان، وباتت الراية تنتقل من جيل إلى جيل فوق هامات النصر، وما يحدث على أكثر من صعيد حالياً، سيكون إن شاء الله، مقدمة لمستقبل مشرق، فتح أبوابه جيل الأمل الأولمبي.
اليوم نقف على ناصية أمل كبير، نحن أهل له، بهذه المجموعة الفتية من نجوم الكرة الإماراتية الذين يصارعون الساموراي الياباني على واحد من الألقاب الرفيعة، وهم أهل لكل الأماني، وهم وقبل أن نعرف النتيجة يقفون على ناصية الفخر في قلب كل إماراتي.
كلمة أخيرة:
امنحني هدية أشكرك.. امنحني أمنية تحتل قلبي.


mohamed.albade@admedia.ae