طالب المدرسة، عندما تطلب منه مدرسته أحد أشكال القرطاسية، والملابس الرياضية، وما تبعها وما لحقها، فإنه يعتبر ذلك أمراً لا مفر من تنفيذه.. وولي الأمر عندما يقف أمامه ابنه ويقدم له قائمة الطلبات والمستلزمات، فإنه لا يملك إلا أن ينحني راضخاً ملبياً، وبكل روح رياضية.. ولكن عندما يذهب هذا المسكين مصطحباً ابنه إلى إحدى مكتبات القرطاسية، ويقابله البائع بكل صلف وغرور بقائمة الأسعار، فإنه لا يملك إلا أن يقول لا حول ولا قوة إلا بالله.. أسعار القرطاسية في هذه السنة ارتفعت من 30% إلى 40% ما يجعل الأمر شيئاً من الفحش التجاري، الذي أثقل كاهل أولياء الأمور وأتعب جيوبهم، التي تنزف كل صباح مئات الدراهم، لتذهب إلى صناديق أصحاب محال القرطاسية. والمدرسون، والمدرسات، لا يكفون عن توسيع دائرة الطلبات، دون مراعاة الوضع الاجتماعي والاقتصادي لبعض الطلبة.
بعض الأسر تضم أكثر من طالب علم، الذين يتحولون في كل صباح إلى طالبي فلوس، والأمهات يصحن من أين نأتي بالفلوس لكي نحقق هذه المستلزمات، والآباء يهزون رؤوسهم، وينفِّضون جيوبهم، بائسين مكسورين، لا حيلة لهم غير الاستجابة، لأمر أمر من الصبر، وأحر من الجمر، وأقسى من الصخر. وبعض المدارس تفرض متطلبات لا توجد إلا في محل واحد، وبأسعار تبدو أشبه بالخيالية، حتى صار الإنسان يشك في أمر هذه الطلبات. أهي للتعجيز، أم هي لإثراء وإفادة محال معينة لسبب من الأسباب. لا ندري، لكن مثل هذه السلوكيات، تثير الحفيظة وترفع وتيرة الشك، في ضمير بعض المدرسين الذين يصرون على محال معينة.
أولياء الأمور يصرخون ويريدون حلاً حازماً، والمناطق التعليمية ومن يعنيهم الأمر، صامتون راضون بالأمر. فماذا يفعل الناس، وكيف يتدبر أولياء الأمور أمرهم؟ وهم يقعون فريسة هذا الهلع، والجشع التجاري، الذي أصبحت بعض المدارس شريكة في ترويجه. ماذا يفعل من لا يستطيع، هل يخذل ابنه ويجعله عرضة للتوبيخ المدرسي، والسخرية من زملاء الدراسة. نريد وعياً صحياً وصحيحاً، بأهمية تقدير الظرف للناس، الذين لا حول لهم ولا حيلة، نريد الاهتمام بالمضمون الدراسي، قبل الشكليات التي لا تترك في النفوس غير الحسرة في ساعة العسرة. نريد حلاً من أصحاب الحل والربط، وألا ندع الناس في صراخ دائم وفي قلق دائم من ويلات المطالب التي لا تنتهي ولا يزول طميها.
والتعليم الحكومي صار أشبه بالخاص، فما يعوضونه من الرسوم الخاصة يدفعونه في المطالب الباهظة. والأمر سيان. مبالغ مالية تذهب دون أي وجه حق، من جيوب من لا يستطيعون دفعها.


marafea@emi.ae