المتسولون هم سارقو القيم الجميلة ومروجو أخلاق الرخص، هم فئة تسطو على مشاعر الناس بسلوكيات تتنافى مع ثقافة المجتمع وتخالف تعاليم الأديان السماوية. المتسولون يقتحمون الأفئدة بأساليب ملغمة ومفعمة بالحيل الرخيصة. المتسولون يحتلون المكان والزمان، ويفرضون سطوة المخادعين والمختالين والذين في قلوبهم مرض. وليس صحيحاً أن يكون المتسول محتاجاً، وإنما التسول هو مرض نفسي، ينم عن ضعف في الشخصية، وعدوانية مبطنة ضد المجتمع، وكراهية لقيمه السائدة، واستهتار واستهزاء بالعادات والتقاليد، وتعمد في تشويه الصورة الحضارية للمجتمع. لذا فإن من الواجب الاجتماعي والوطني أن تهب ضمائر المخلصين في مساعدة رجال الأمن الاجتماعي، في دحر هذه الظاهرة ومقاومتها، وملاحقتها والكشف عنها وفضح المنغمسين فيها، حماية للمجتمع وصوناً لكرامته وعناية بالمبادئ السامية التي غرسها النبلاء من مؤسسي حضارة بلادنا. مشاهد كثيرة نجدها في الشوارع، في مناسبات عدة، وأسوأ هذه المشاهد أن نرى متسولاً يرتدي هنداماً مرقعاً، مشوهاً جسده بهدف استعطاف الناس والاستيلاء على مشاعرهم ثم نفض جيوبهم والهرب بعيداً بالغنيمة، ضاحكاً، سعيداً بالانتصار الذي حققه على إنسان بريء كان كل هدفه شفاء رمق وقضاء حاجة دون أن يعي أن للصدقة مكانها وأشخاصها، وقد هيأت بلادنا مؤسسات خاصة تعتني بما يقدمه أصحاب القلوب الرحيمة من صدقة تحل على من يستحق. وأعتقد أن تكاتف الجهود والوعي بأهمية قطع دابر هذه المعضلة الاجتماعية، كفيل بأن يزيح هذه الظاهرة السيئة عن الوجود، وجدير أن يمنع تفاقمها وتفشيها في شوارعنا والنواصي والأزقة والمحال التجارية. مجتمع الإمارات مجتمع التكاتف والتآلف والتضامن، والفقراء في بلادنا يجدون من يحميهم من شظف العوز، ولهف العجز عن توفير ما يحتاجون، فلا يوجد أي مبرر يفسح الطريق أمام ظاهرة التسول كي تنتشر وكي تحتكر المشاعر والخواطر، وكي تفرض نفسها كظاهرة مقبولة. مجتمع الإمارات يقدم بسخاء للقريب والغريب دون تردد أو تعهد، وخير الإمارات حاز الأقاصي من بقاع الدنيا، أما منع التسول فهو معترف حضاري راقٍ، يحتاج من جميع الناس أن يؤيدوه وأن يقفوا في صف الذين يجتهدون ويجاهدون في سبيل تنظيف الساحة الإماراتية من بقع المتسول السوداء التي يستغلها المرضى والمغرضون في أهداف غير سوية وغير صحيحة، وهذا مكمن الخطورة، ومنبت الخطأ الفادح. لذلك فإن كل من يحب هذا البلد من مواطن أو مقيم أن يكون بالمرصاد للتصدي لهذه الظاهرة، وليس الامتناع عن تقديم الدراهم للمتسولين، بل والإبلاغ عنهم للجهات المختصة، وإفشاء سرهم لتحقيق الهدف المنشود وهو الحفاظ على نظافة الوطن من العابثين بمشهده الحضاري. marafea@emi.ae