كل مُنتج لابد وأن يكون له حُساد.. سواء كان فرداً أو مجتمعاً، وملح العيون الحاسدة، مزيد من المثابرة، والعمل الجاد، والمجازفة المحسوبة، في اقتحام أسوار المستقبل، والذهاب إلى الأبعد، بخطوات واثقة، وراسخة، لا رجفة فيها ولا ارتعاشة.. كل منتج لابد وأن يُواجَـه بسيل من الانتقاد، والانتقاص، وأحياناً التشويه، والتسويف، ولكن تبقى إرادة الإنسان هي الصد، وهي السد، والمضاد الحيوي الذي يفتك بكل بكتيريا الحسد. الإمارات خلال أربعة عقود من الزمن، استطاعت أن تنجز ما لم تستطع دول أن تحققه خلال قرون، وجاء الإنجاز بفضل الإرادة الصلبة والعزيمة القوية، والوعي بأهمية العمل دون الالتفات إلى الوراء، هذا الإنجاز الذي أصبح إعجازاً، يستحق أن نضعه بين الرمش والعين، وأن نحفظه، وأن نلوّن بريقه بلون الدماء والعرق، إنجاز وضع الإمارات في المقدمة، ووضع الإنسان عنوان كل مقال ومقام، ما جعل قامة الإمارات في محافل الدول، عالية دوماً، راسخة ثابتة، مدهشة، ومبهرة.. ولا يضير الإمارات أن تُـجابَه ببعض السهام الطائشة، فهذا أمر طبيعي، فالشجرة المثمرة هي التي تقذف بالحجارة، وشجرة الإمارات التي ظللت وتفرعت، وأينعت أغصانها، ويفعت جذورها، ونثرت بذورها، وضوَّعت أنفاس العالم بفوحها، وأغنت الدنيا بأريجها، لابد وأن تجد من يحسد وأحياناً من يحقد، ولكن هذه النوايا لا يكسرها غير الإصرار على النجاح، وهذه الرزايا لا يخمد نيرانها غير تمكين الإنسان من أخذ المناعة، والتحلي بأخلاق الصابرين، المثابرين، المغامرين الذين لا تخيفهم ريح، ولا يزعجهم موج.. وما انفكت الإمارات منذ إشاعة الحلم الجميل، حلم الاتحاد، من خوض غمار الحلم، بأناة وتؤدة، دون تردد أو تصهد أو خذلان، لأن إنساننا المحب العاشق للمجد، عاهد النفس على أن يكون دائماً في المقدمة، وعلى أن تصبح الإمارات دوماً في القلب.. إمارات الخير والمحبة والتسامح، إمارات التعايش بين الألوان والأعراق، والأديان، ضربت مثالاً في النسيج الواحد، ونموذجاً في الخلايا الإنسانية المتعددة، في جسد واحد.. شارع الإمارات اليوم، لوحة تشكيلية زاهية بأحلام الناس جميعاً، الناس الذاهبون نحو الغايات العلا، القادمون من ذاكرة الخلق والإبداع، وانتزاع المجد من أفق أبعد.. فماذا يعني القافلة، وماذا يُضيرها، من عواء، أو رغاء، أو ثغاء، طالما بقي العمل هو المقياس، والإنجاز هو المعيار، والنجاح هو الحقيقة التي لا يطمسها زبد وجفاء المتوجفين، والعازفين على وتر الادعاء والافتراء، وإخفاء الحقائق بمنخل الزيف والتحريف.. الإمارات ماضية بكل جد، وبسواعد المخلصين من أبنائها، الإمارات هي الحقيقة الدامغة، ووسام الشرف لكل مواطن ومقيم، والجميع على حد سواء، تقع عليهم مسؤولية العطاء، دون مِنَّةٍ أو ظن، والإمارات الوتد العتيد، المجيد التليد، وهي القمة التي تتكسَّر عندها عيون رصدها الحسد، وغشَّاها طول الكمد.