في أواخر عام 1976 نظمت العاصمة أبوظبي المؤتمر العالمي الأول للصقارة والمحافظة على الطبيعة، وكان هذا المؤتمر العالمي ثمرة لمبادرات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، للحفاظ على البيئة والصقور من الانقراض، بعد استشرافه الحاجة الى إحداث توازن بين الحفاظ على التراث العريق للصقارة الضارب في جذور تاريخ الشعوب العربية والخليجية على وجه الخصوص، والعالم، ونجح رحمه الله بجمع، وللمرة الأولى، صقاري الخليج ونظرائهم في أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأقصى، وكان هم والدنا الراحل وضع الصقارين في الخليج والعالم في طليعة الناشطين في الحفاظ على التوازن البيئي، وفي عام 1995م عمل الشيخ زايد رحمه الله، على التحول من استخدام الصقور البرية إلى الصقور المكاثرة في الأسر، وبحلول عام 2002م أصبح صقارو الإمارات يعتمدون بنسبة 100 % على الصقور المكاثرة في الأسر ما جعل الإمارات البلد المربي الأول الذي أصبح يعتمد على استخدام الصقور التي يتم إكثارها في الأسر في رياضة الصيد بالصقور.
كما أرسى الوالد الراحل رحمه الله، مبادرة إعادة إطلاق العديد من صقوره إلى البرية في نهاية موسم الصيد، حيث بدأ برنامج زايد لإطلاق الصقور في عام 1995م وبحلول عام 2010م وصل مجموع الصقور التي تم إطلاقها إلى 1246 صقراً، وقد ساهم هذا البرنامج في المحافظة على هذه الأنواع من الانقراض وساعد في التعرف إلى المزيد من المعلومات عن الصقور وتحركاتها كما ساهم في تحديد مسارات هجرتها.
وعلى نهج الوالد، سار القائد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، في ترسيخ المفاهيم النبيلة والأعمال الجليلة التي ورثها عن والده الصقار الأول، في دعم الصقارة وحماية الصقور باعتبارها إرثاً تاريخياً مهماً للدولة، ونقله إلى الأجيال القادمة باعتباره إرثاً تاريخياً وحضارياً وأنه جزء لا يتجزأ من حياة الآباء والأجداد.
بفضل هذا الدعم المتواصل وهذه الرؤية العميقة، نجحت الإمارات في تسجيل “اليونيسكو” للصقارة كتراث إنساني حي في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية من خلال تنسيقها وتعاونها مع 12 دولة عربية وأجنبية في إعداد الملف الدولي للصقارة. الذي وصفته اللجنة الدولية بأنه غير مسبوق ويحتوي علي معلومات دقيقة تستند الى جهد ميداني.
إن الإنجاز العالمي الذي سجلته الدولة لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة طبيعية لإيمان قيادتنا الرشيدة والمسؤولين والقائمين الذين أعدوا الملف الإماراتي وكل صقار بالدولة ومهمتم بهذا التراث بأهمية دعم التراث أو الحفاظ عليه، وإننا إن نقدر كل الجهود، نخص بالشكر والثناء الجهود الكبيرة التي يبذلها سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية الذي أخذ على عاتقه مهمة الحفاظ هذا التراث العربي الأصيل، سواء برئاسته نادي صقارى الإمارات أو بالمبادرات والمساهمات العديدة التي تنقل من خلالها لإطلاق العديد من الصقور في العديد من دول العالم، فكان نصيب الإمارات هذا الإنجاز العالمي، الذي يستحق قلادته سمو الشيخ حمدان بن زايد.


m.eisa@alittihad.ae