أثارت زاوية الأمس عن بلدية أبوظبي، تساؤلاً أوسع يتعلق بما إذا كانت دائرة الشؤون البلدية أو بلدية مدينة أبوظبي قد أجرت مؤخراً استطلاعاً شفافاً لقياس مقدار رضا المراجعين عن الخدمات التي تقدمها لهم، ومستوى تلك الخدمات، ومدى مواكبتها للطموحات التي تحملها استراتيجية حكومة أبوظبي لتصبح واحدة من الأفضل عالمياً. وقد ولد هذا التساؤل من حجم التعلقيات على ما جاء في تلك الزاوية، وقد تركزت على انتقاد قصة الحب الخالد بين البلدية ومركزية الروتين. وكيف يضطر صاحب معاملة للمجيء من منطقة الشامخة لاستكمال مراجعة بناء أو غيرها في المبنى الضخم الكائن في شارع السلام مع كل التعقيدات المصاحبة للحضور، ولعل أبسطها الحصول على موقف. وإذا كنت قد ضربت مثالا بمركز توزيع الأغذية، فإن من قصص القراء مع مركزية البلدية، ما يجعل المرء يتوقف كثيراً أمام ما يجري. رغم الإمكانات الهائلة الموضوعة تحت تصرف الدائرة. في كثير من الضواحي الجديدة لأبوظبي مثل بعض أحواض مدينة محمد بن زايد وخليفة “ب”، وحتى “أ”، لا زالت مشاريع بناء سكنية وتجارية متعطلة منذ سنوات لعدم اكتمال توصيل الخدمات والبنى التحتية فيها. ومن ظفر بالرخصة تعثر باشتراطات “استدامة” التي هي حاليا قيد النظر، ولكن بعد أن استنزفت من الوقت والجهد والموارد الكثير، وأثارت بدورها الكثير من الجدل بسبب التطبيقات التي وصلت إلى حد التعجيز، قبل أن يعاد النظر فيها، وتعقد لأجلها ملتقيات مع كافة الأطراف. وسمعنا من يحمل مسؤولية إخفاق “استدامة” للفريق الفني الذي تم الاستعانة به، وجيء به من مشروع عملاق صاحبه إرجاء في إحدى الإمارات. من جهتي، أدعو بلدية أبوظبي إلى إعادة النظر في طريقة تنظيم العمل بقاعات خدمة الجمهور في الطابق الأرضي من ذلك المبنى العتيد، فمع مرور وازدياد أعداد المراجعين، هربت الفكرة الراقية والحضارية من المشروع، وتحول المكان إلى نموذج مصغر من مجمع للتعقيدات والروتين، بل إن البعض يعتبره كمجمع التحرير في قاهرة المعز الذي ينظر إليه على أنه رمز للروتين. ومن ثم منح صلاحيات أوسع للفروع، بحيث تكون فيها مكاتب لإنجاز المعاملات لا مجرد أكشاك لمراجعة استكمال المعاملات، ومن ثم إرسال صاحبها إلى المقر الرئيسي للاعتماد. إن استطلاعاً شفافاً سيساعد المسؤولين في البلدية في وضع أيديهم على مكامن الخلل، ويتيح لهم التعرف على ما يشكو منه المتعاملون معها مباشرة، بعيداً عن التقارير الزاهية لشركات العلاقات العامة التي تستعين بها، وبالشركات الأخرى التي تطلق عليهم “شركاء استراتيجيين”، وأسندت اليهم إدارة مرافق وخدمات حيوية للغاية، وما استتبعه من تغير ليس في الأداء، وإنما في النتائج أيضا. فالكثير من الأهداف الجميلة منيت بجفوة من الجمهور جراء سوء التنفيذ والتطبيق على يد بعض “الشركاء الاستراتيجيين” للبلدية، وخاصة تلك المبادرات ذات الأهداف النبيلة والصديقة للبيئة التي تحرص عليها الدائرة، ويفترض فيها أن تلقى التجاوب والتفاعل المطلوبين. لذا نجدد الدعوة للدائرة للتخلص من المركزية لتلحق بدوائر الأداء المتميز في وطن التميز. ali.alamodi@admedia.ae