من المعروف أن وكيل الوزارة في أي من الوزارات، هو الرجل التنفيذي، الذي تقع على عاتقه مسؤولية تنفيذ قرارات وتوجيهات معالي الوزير، وعندما يصبح هذا الوكيل بالإنابة دائماً يتعاقب على رأسه وزراء، وتتغير في عهده مسميات، وفصول من الفرمانات الوزارية، فإنه بطبيعة الحال سيقبل بالأمر الواقع على مضض، لكنه لن يعمل بنفس راضية مرضية، بمعنى أن ما سيقوم به هذا الوكيل هو مجرد تأدية واجب، وحفاظ على ماء الوجه، والراتب كذلك، وسيقول في نفسه شيء أحسن من لا شيء، وأن أكون على خشبة الإنابة خير من الوقوع في فم الأمواج. ولكن كل هذا ضد المنطق وضد التوجه لتحسين أوضاع وزارة معينة وضد التطور وضد ما يستحقه المخلصون من الموظفين وضد مشاعرهم وأعمارهم التي أفنوها في سبيل التفاني من أجل العمل، والعمل بصدق لأجل الدولة التي أكرمت الناس جميعاً، وسخرت لهم وسائل الحياة الرغيدة كافة. ما يواجه أي وكيل بالإنابة، وهو يحرق العمر، في انتظار ما يفوه به الوزير، وينطق كلمة السر، ويرفع عنه حظر الترقية، ويخرج من درج مكتبه القرار الذي يثلج صدر وكيل الإنابة، ويقرأ المسمى الأول من دون “الكلمة المحزنة”، هو الانتظار الممل والمحبط والمثبط للهمم، لأن كل ما يخشاه أي وكيل بالإنابة أن يأتي اليوم ويرى شاباً، من هو في سن أولاده، ويدخل عليه الوزارة بصفته الوكيل المعين بقرار من معالي الوزير، ولا أعتقد أن أي وكيل بالإنابة يغضبه هذا القرار في حد ذاته، وإنما هي حالة الإطالة و”مطمطة” الزمن، وترك الإنابة تطول وتطول بلا جدوى، وكأن معالي الوزير ينتظر أمراً ما يوحى إليه بإصدار قرار الوكالة في زمن ما، حتى ولو طال إلى عقد من الزمن أو أكثر. أتصور أن أي وزير لديه من الفطنة والحنكة والحكمة، ما يؤهله إلى أن يتخذ القرار المناسب في وقت مناسب، لا ليقضي لقتل الزمن وضياع أمور كثيرة في وزارته، الأمر الذي يفرض على كل صاحب مسؤولية أن يتخلص من الحرج أولاً، ومن تضييع الجهد وأشياء أخرى، لأن المسؤولية تتطلب البت في الأمور الجوهرية وترتيب البيت وإعطاء كل ذي حق حقه، ومنح الفرصة للذاهب والآتي بأن يتخذوا مواقعهم التي يستحقونها، لأن أي مؤسسة عمل هي الأساس، ومصلحة أي وزارة أن يستتب أمرها ويهنأ موظفوها بالمواقع التي يستحقونها من دون حرف الواو أو الميم، لأن قيادتنا علمتنا وعودتنا على أن العمل مقدس ومأسسته مربط الفرس، ولا أحد فوق المصلحة التي تهم الوطن والناس الذين يسكنون ترابه. نحن في بلد الخير، وأفضل الخير أن نحفظ النعمة بحفاظنا على الثوابت التي تحمي بلادنا وتعتني بمؤسساتنا. marafea@emi.ae