يقال إن الحِلْمَ سيّد الأخلاق، لما له من أهمية في حياة الإنسان، فالغضب آفة قد تودي بالإنسان والإنسانية في الجحيم، ولحظة حلم وكظم غيظ تغني عن كارثة وخطأ جسيم! غضب: تدل على شدَّة وقُوّة. والغَضَبُ: نَقِـيضُ الرِّضَا.والغَضْبة: الصَّخرة الصُّلبة ومنه اشتُقَّ الغَضَب، لأنَّه اشتدادُ السُّخط . ويقال: غَضِب يَغْضَبُ غَضَباً، وهو غضبانُ وغَضُوب. والحِلْمُ، بالكسر: الأَناةُ والعقل، وجمعه أَحْلام وحُلُومٌ. وأَحْلامُ القوم: حُلَماؤهم، ورجل حَلِيمٌ من قوم أَحْلامٍ وحُلَماء، وحَلُمَ، بالضم، يحْلُم حِلْماً: صار حَليماً، وحلُم عنه وتَحَلَّم سواء. والحِلْم نقيضُ السَّفَه؛ قال أبو العتاهية: ولم أر في الأعداء حين اختبرتهم ..... عدو العقل أعدى من الغضب قيل: إن رجلاً كان يغضبُ كثيراً ويشتد غضبه، فكتب ثلاث صحائف. فأعطى كل صحيفة لرجل، وقال للأول: إذا اشتد غضبي فقم إليَّ بهذه الصحيفة وناولنيها، وقال للثاني: إذا سكن بعض غضبي فناوليها، وقال للثالث: إذا ذهب غضبي فناولني التي معك. وكان في الأولى: أقْصِرْ، فما أنت وهذا الغضب، إنك لست بإله، إنما أنت شر يوشك أن يأكل بعضك بعضا. وفي الثانية: ارحم مَن في الأرض يرحمك مَنْ في السماء. وفي الثالثة: احمل عباد الله على كتاب الله فإنه لا يصلحهم إلا ذاك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن كظم غيظه وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء». وقيل: ملأه الله أمناً وإيماناًِ. شتم رجلٌ رجلاً: فقال لهه: يا هذا، لا تغرق في شتمنا ودع للصلح موضعاً، فإني أبَيْتُ مشاتمة الرجال صغيراً، فلن آتيها كبيراً، وإني لا أكافئ مَن عصى الله فيَّ بأكثر من أن أطيع الله فيه. لما قَدِمَ نصر بن منيع بين يدي الخليفة وكان قد أمر بضرب عنقه. قال: يا أمير المؤمنين اسمع مني كلمات أقولها. قال: قل. فأنشد يقول: زعموا بأن الصقر صادفَ مرةً ..... عصفورَ برٍّ ساقَهُ التقديرُ فتكلّم العصفورُ تحت جناحه ..... والصقر منقضٌ عليه يطيرُ أني لمثلِكَ لا أُتَمِّمُ لُقمةً ..... ولَئنْ شُويتُ فإنني لحقيرٌ فتهاون الصقرُ المُدِلُّ بصيدِهِ ..... كرماً وأفلت ذلك العصفورُ قيل: فعفا عنه وخلَّى سبيله. قال الرشيد لأعرابي: بِمَ بلغ فيكم هشام بن عروة هذه المنزلة؟ قال: بحلْمه عن سفيهنا وعفوه عن مسيئنا، وحمله على ضعيفنا، لا منّان إذا وَصَبَ، ولا حقود إذا غضب، رحب الجنان، سمح البنان، ماضي اللسان، فأومأ الرشيد إلى كلب صيدٍ بين يديه وقال: والله لو كانت هذه في هذا الكلب لاستحقّ بها السؤدد. وقال الشاعر: إذا كنت مختصاً لنفسك صاحباً ..... فمن قبل أن تلقاه بالود أغضبه فإن كان في حال القطيعة منصفاً ..... وإلاّ فقد جربتهُ فتجنّبْهُ قيل: إن الأحنف سبَّه رجل وهو يماشيه في الطريق، فلما قرب من المنزل وقف وقال له: يا هذا إن كان بقي معك شيء فقله ها هنا، فإني أخاف أن يسمعك فتيان الحي فيؤذوك، ونحن لا نحب الانتصار لأنفسنا. قال الشاعر: وإذا بغى باغٍ عليك بجهله ..... فاقتلهُ بالمعروف لا بالمنكرِ قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي شيء أشدُّ؟ قال: غضب الله، قال: فما يباعدني من غضب الله؟ قال: أن لا تغضب.