جاء الشتاء بلفحات الهواء الباردة وسط أشعة الشمس الدافئة، جاء متأخراً إلا أنه جاء، هو الفصل المدلل بين فصول السنة على الرغم من كل الاحتياطات التي نأخذها، خوفاً من فيروساته، غير أنه يبقى جميلاً بكل أشكاله وتقلباته. الشتاء يحمل الكثير من الذكريات الجميلة التي من شأنها أن تدفئ أجوانا، فلا تزال رحلات البر الطفولية عالقة في ذاكرتي، تلك الرحلات التي كانت لا تنشط إلا في هذا الفصل، جماعات الأهل حول النار وسمر الليالي الطوال، زيارات الجيران والأهل والأصدقاء، حتى فناء المنزل لا يحلو لنا إلا في هذا الفصل. الشمس لا تغيب عن سمائنا في الشتاء، فهي في صراع جميل مع الغيوم، صراع من أجل السطوع، وإرسال أشعتها التي لا تفارقنا معظم أيام السنة. هناك من يقول إن الذين يولدون في فصل الصيف يميلون إلى الشتاء والعكس. ويطلق الشتاء أصوات زخات المطر وسيمفونية من الفرح تشدو ببهجة قادمة من السماء نحو الأرض وأهلها. زخات تطير بنا نحو ماء الحياة وأسرار يختزنها سقوط المطر. تعود إلى الأذهان أغاني الزمن الدافئ: طق يا مطر طق بيتنا يديد مرزامنا حديد طق يا مطر طق يا مطر وتضفي الأجواء الحماسية الكثير من الدفء على فصلنا المدلل، فها هو “خليجي عشرين” يطرق الأبواب وأصوات المشجعين داخل الملعب وخارجه تشعل نيران اللعب، وأمنياتنا لمنتخبنا الوطني بكل التوفيق، تشعل فتيل الدفء القابل للاشتعال مع كل مباراة. هل جربت أن تأكل البوظة “الآيس كريم” في الشتاء؟ إنه أجمل فصل لأكل المثلجات، ستشعر ببرد دافئ فقط، أغمض وتلذذ بهذا الفصل...هل مشيت في الشوارع في هذا الفصل؟ أعتقد أنك لن تتوقف عن المشي...هل نظرت إلى البحر وأمواجه؟ كل يوم لها حال ...هل ذهبت إلى الصحراء ورأيتها كيف تستقبل هذا الفصل المدلل.. هل سمعت قصص الشتاء، حتماً لن تؤجلها ... وشعراء هذا الفصل المدلل أولم يقل أبونواس: قد غنينا عن الشتاء وعن اللّبسِ للفراءِ وعن الحشوِ والعمامةِ ? والكنِّ والصلاءِ وعن الفرشِ والوطا ? في بيوتٍ بلا كراءِ قدمَ الصيفُ بالولايةِ ? قدّامةَ اللواءِ أجواء لا يدركها إلا من نبض قلبه في هذا الشتاء الدافئ بألوان الربيع ومن أدرك جمال الصيف الطويل.. وعيون الخريف الغائبة... هي أجواء شبيهة بشخص يكتب هذه المقالة تحت برد المكيف وعلى أنغام إسبانية ويخاف أن تبزغ الشمس وهو لا يزال داخل حجرته أسيراً لهذا الشتاء الدافئ... ameena.awadh@admedia.ae