في الصيف يتجدد موعد الفرح بمعظم البيوت الإماراتية، وينطلق موسم الليالي الملاح بعد رفع الزينات والأنوار على أسقف بعض المنازل، إيذاناً بحفل زفاف يقام فيها. حين يأتي الحديث عن الأعراس تتسابق الألسن للكلام عن الغلاء، ولأن هناك من أطلق مصطلح “غلاء المهور”، فالكل يعتقد أن المهور وتجهيزات العروس غالية جداً وأنها سبب كسر ظهر العريس بالطلبات التي ترمى ظلماً على ظهر أهل الفتاة! الحقيقة التي لا يعرفها سوى من قرر إقامة حفل زفاف لأحد أبنائه - والحديث هنا عن الأسر من الطبقة المتوسطة - أن الغلاء ليس في المهور التي لا تزيد على 20 ألفاً، ولا في ما نسميه “الزهبة” التي تقبل العائلات العادية بمبلغ معقول لإتمام احتياجات العروس منها، لكن الغلاء الحقيقي والفاحش هو فيما يسوقه تجار المناسبات من ضروريات ليلة الزفاف نفسها. تحلم كل فتاة بأجمل ليلة زفاف، لكن تطبيق ذلك على الواقع مكلف جداً، ويريد كل شاب أن يكون عرسه “يبيض الوجه”، بينما شركات تنظيم المناسبات لا تريد سوى “كسر ظهره”، وتجعل لسان حاله يردد “لا وجع إلا وجع الضرس ولا هَمّ إلا هَمّ العرس”. اليوم لم يعد هناك من يتزوج في المنزل - خاصة والحرارة 45 مئوية- ولم تبق عروس لا تريد ارتداء فستان أبيض، ولا يوجد من يقدم لضيوفه “عيش ولحم” فقط، اختلفت الأعراف واختلفت معها متطلبات الزفاف. إذا كانت قاعات البلدية المدعومة من الحكومة تكلف قرابة 60 ألفاً لإقامة حفل الزفاف مع العشاء فيها، كيف يمكن رمي تهمة ارتفاع المهر على طلبات الزوجة فقط؟! لو قرر شخص النزول إلى محال المناسبات والبحث عن كوشة بسيطة جداً بلا تفاصيل كثيرة، تجلس عليها العروس 5 ساعات فقط، لن يجدها بأرخص من 10 آلاف درهم، لو بحثت عروس “تملك وسيلة مواصلات” في كل محال تأجير فساتين الأفراح (حتى تلك التي تؤجرها المواطنات من المنازل) لن تعثر على فستان بأقل من 7 آلاف درهم لترتديه ربع ليلة، أما لو قررت البحث عن “ماكييرة” لتضع لها مكياجها في ليلة زفافها، فلا يمكن أن تعثر على واحدة تقبل بأقل من 3000 درهم! سوق الأعراس ملتهبة أكثر من حرارة الصيف، ولم تسن لليوم أي تشريعات تطفئ اشتعالها وتحمي المقبلين على الزواج من الاستغلال فيها، ولم تتحرك وزارة الاقتصاد لضبط أسعار التأجير خاصة، بل تركت لترفع المحال أسعارها بلا رقيب ولا حسيب للأسف! بينما الزبائن يضطرون للرضوخ لها، مع أن ارتفاع الأسعار هذا يقلق فئة كبيرة من الناس، ويؤثر بشكل مباشر على الواقع الاجتماعي العائلي وتكوين أسر جديدة في الإمارات. فتحية البلوشي