من أصل عينة مؤلفة من 1508 أشخاص (من السعودية والإمارات) شملهم استبيان أجرته شركة متخصصة لمصلحة «مجموعة فنادق عالمية»، قال أكثر من 50% من هؤلاء إنهم غير قادرين على تحقيق التوازن بين العمل والحياة.
بينما اعترف أكثر من 65% منهم بتلقيهم مكالمات ورسائل بريد إلكتروني تتعلق بالعمل خلال العطلات الأسبوعية، وأقر 54% منهم باحتفاظهم بهواتفهم في متناول أيديهم حتى أثناء وقت النوم، في حين صرح 14% آخرين بأنهم ينامون ليلاً وهواتفهم تحت وسائدهم.
وبحسب الاستبيان، أفاد 68% من أفراد العينة من سكان الإمارات والسعودية بأنهم لم يأخذوا أبداً أي إجازة أسبوعية، أو أنهم أخذوا إجازة أسبوعية واحدة فقط خلال العام، ما يعني في الخلاصة النهائية أن نصف سكان السعودية والإمارات يدمنون العمل ولا وقت لديهم للتمتع بالحياة، وأن عددا كبيرا من شباب اليوم في مجتمعنا، يتفانون في العمل لدرجة أنهم ينسون أنفسهم ولا يستمتعون بعطلاتهم الأسبوعية، ما يمكن أن يقودنا إلى عدد من الاستنتاجات على صعيد العلاقات الاجتماعية والصحة النفسية للفرد والمجتمع، كما أنه من الممكن أن يستخدم كرد عملي على هؤلاء الذين يرسمون صورة نمطية سلبية عن شباب الإمارات وعلاقتهم بالعمل .
ليس لدي أدنى شك في أن شبابنا من أكثر قطاعات الشباب حول العالم اهتماما بأعمالهم وتفانيا في وظائفهم وبأنهم جديرون فعلا بثقة رؤسائهم، كما أنهم جديرون بالوظائف والأمكنة التي يتولونها، والإمارات دولة شابة لاعتبارات العمر التاريخي وإحصاءات السكان المقارنة، فأكثر من 50% من سكانها هم من الشباب والأطفال، وعليه فإن بزوغ نجم الشباب خلال السنوات الماضية كوزراء ورؤساء مجالس إدارات ومديرين من الصف الأول والثاني وحتى الثالث يرجع لهذا السبب، لكن هذا التألق والنجاح الذي حققه الشباب في مجالات العمل المختلفة كانت له تداعيات سلبية على مستوى الشباب أنفسهم ولا بد لهم من استدراك الأمر قبل فوات الأوان.
هناك حكمة لا ندركها إلا بعد مضي العمر، خاصة أولئك الذين يعانون من إدمان العمل، تقول النصيحة «لا تحمل مكتبك فوق رأسك طوال اليوم، ولا تصحبه معك إلى الفراش» تلك علامة غير صحية أبدا، ومدمن العمل شخص وإن بدا لنفسه ناجحا ومخلصا ومتفانيا في عمله، وأنه يحقق الكثير من النجاحات والمال من خلال هذا السلوك، إلا أنه من غير أن يشعر فإنه ينغمس في حياة خالية من العلاقات الإنسانية والاجتماعية، ويدمن الكثير من الأدوية كالفيتامينات والمنشطات، كما أنه يحرم نفسه من حقوق مستحقة كأيام الراحة والإجازات العائلية والمتع المختلفة، تحت ذريعة «زحمة العمل»، وأن يوما ما سيقوم بكل هذا الذي يؤجله اليوم !!
الحياة لا يمكن تأجيلها مطلقا، والأيام التي تذهب لا تعود أبدا، وأحيانا يذهب أشخاص أعزاء من حياتنا دون أن تسنى لنا قضاء أوقات ممتعة معهم، إضافة إلى التعب الذي يتراكم فوق الجسد والقلب والروح، والذي نظل نعانده ونكافحه بالأمنيات والأحلام والفيتامينات، إن من حقنا أن نعمل وننجح، لكن من حقنا أيضا أن نستمتع بالحياة لأن النفوس إذا كلت عميت. 

ayya-222@hotmail.com