ما الذي يجعل الإنسان يبتسم؟ ثمة شيء خفي في داخله هو الذي يحرك تلك العضلات المشدودة في الوجه، ويجبر الأسارير أن تنفرج ولو قليلاً أو يرسل لها إشارات عصبية لتترجمها إلى فرحة صغيرة على الوجه، هل الابتسامة رديفة الراحة والرضا الداخلي؟ هل تحتاج إلى محفّز أو مغازلة من الخارج؟ الغريب أن ما يضحك الإنسان في الشتاء، ليس بالضرورة أن يضحكه في الصيف، وأن الحركة التي يقوم بها شخص، قد لا تبعث على الضحك أو الابتسام إن قام بها شخص غيره.
الوقت قد يساعدك على الابتسام أو لا يساعدك في حين ولحظة غير مناسبة لك، ما يجعل الصغير يبتسم غير ما يجبر الكبير أن يخرج تلك الابتسامة العصيّة، ابتسامة الطفل حاضرة وسريعة، ربما مبعثها البراءة وعدم التلوث والإقبال على الحياة، في حين تكون ابتسامة الكبير، متعسرة وصعبة، ربما مبعثها اكتمال الوعي، وثقل الأشياء ووطأة الحياة المدبرة.
ابتسامة المرأة غير عن ابتسامة الرجل، وابتسامة المرأة الشابة تختلف عن ابتسامة المرأة العجوز، فالطفل قد يكون منظر الآيس كريم يجعله مبتسماً حتى يحصل عليه، وقد تستمر معه الابتسامة رغم تلطيخ كل ملابسه، الألعاب هي الأخرى تجبره على الابتسام وتجعله يرقص ويصهل بصوته الصغير، في حين الرجل العجوز إن تسهلت مثانته، فقد يبتسم وبعمق وراحة، وأن لم توجعه ركبه، ولم يشكو من رأسه، فذلك مبعث للرضا والابتسام.
منظر الذهب يبعث على البسمة عند النساء، وبريق الألماس يجبرها أن تخرج ابتسامتها، الهدية تجلب الابتسامة للجميع، المطر محرّض الناس على الابتسام، ما عدا عند الإنجليز، منظر الخبز الساخن لا يملك الإنسان نحوه إلا البسمة الخارجة مع (آة) رضا من الصدر، عند الغني والفقير الرئيس والمرؤوس، عند واحد من أقصى الشمال المتجمد أو واحد من أقصى آرخبيل الجزر الأندونيسية.
ابتسامة النفس في الصيف للكأس الباردة المغبّشة المندّية، يغيبها فصل الشتاء، ولا يجعلها حاضرة لرؤية الكأس نفسها، وربما يشعر الإنسان بقشعريرة تسري تحت جلده، وترّعد بدنه، وقد يفضل عليها شباكاً مقفلاً أو كستناء تشوى أو أحداً يتصدق عليه بطرح بردة على ظهره.
فنجان القهوة المتصاعدة أبخرته أو رائحة احتراق القهوة، تلزمك بالابتسام وبالتنفس بفرح، الانتهاء من الاستحمام يجعلك تبتسم، رؤية المرأة الجميلة تضطرك على الابتسام مجبوراً، هذا إذا لم تتناثر أسنانك.
هناك أسباب كثيرة للابتسام، وألوان كثيرة للابتسامة، لكن أشدها خبثاً وعملاً شيطانياً، تلك الابتسامة الصفراء الخارجة من عيون زرق، ومن بين أسنان فرق.. تمتعوا ولا تبخلوا بابتساماتكم، ولو كانت للنفس وعلى النفس فقط.. فليس مثلها شفاء.


amood8@yahoo.com