ساعات ويُسدل الستار رسمياً على العام الدراسي، وتبدأ العطلة السنوية للهيئتين الإدارية والتدريسية، بعد أن تقلصت كثيراً عن مثيلاتها في عصر ما قبل الفصول الثلاثة. نودع العام الدراسي بعد جدل واسع وتجارب شهدها الميدان. والجدل الأوسع كان حول الطريقة التي تم بها إعلان نتائج الفصل الثاني عشر، وظهور عشرات الحالات من الذين يطعنون في نتائجهم، ويعتقدون أنهم تعرضوا لتعسف عند تصحيح إجاباتهم، والطريقة التي تمت وفقها عملية التقييم. وقبل يومين، وجدت على بريدي رسالة من طالبة في تعليم الكبار من مدينة العين لم تعرف نتيجة الامتحان، وبالتالي كانت من فئة “غير معروفي النتائج”. وبعد أيام من الإعلان عن تشكيل لجنة للتحقيق فيما جرى وكيف جرى، ومحاسبة من تسببوا فيه، ساد الصمت الموقف، وبعد العودة من الإجازات سيكون لكل حادثة حديث. وهكذا على طريقة لجان التحقيق العربية تغيب الحقيقة بين الملفات والدهاليز، ويتفرق دمها بين أروقة الروتين. نودع العام الدراسي ونحن نسمع حديثا عن تجربة جديدة لسلسلة تجارب لا تعد ولا تحصى يشهدها التعليم عندنا باسم التطوير المستمر. التجربة الجديدة ستعيد تشعيب الحلقة العليا من التعليم، بحيث لا تقتصر فقط على ُشعبتي العلمي والأدبي. وهو وضع كان قائما منذ البداية، قبل أن ننفق بسخاء على من يسمونهم ببيوت خبرة، أفتت بثنائية شعب المرحلة، لننفق بسخاء أكبر على مستشارين، جبت فتواهم ما قبلها، ويتجدد الحديث عن تشعيب ثلاثي وربما رباعي. وسمعنا عن توجه باسم القضاء على هدر الموارد، سيتم من خلاله إلغاء مبان مدرسية ودمج أخرى، وبناء مدارس عملاقة سنسجل براءة اختراعها لنا، ستضم هذه المباني العملاقة كل الطلاب والطالبات من الحلقة الأساسية وحتى الثاني عشر، ووعد المبشرون بالنظرية الجديدة في المباني المدرسية بأن الأمور ستكون تحت السيطرة من خلال المداخل المنفصلة والمواقيت المتباعدة رغم الاشتراك الموحد في استخدام المرافق. وعن تطوير أداء المدرس المواطن، قالوا إن التأهيل الذي سيخضع له سيمكنه من التدريس حتى في مدارس فنلندا، وهو طموح يفوق تصوراتنا لتعيينه وإلحاقه بمدارس في الوجن أو البطايح. وبعد أن فرغوا من الحديث عن تلك المشاريع التطويرية، اكتشفوا أن الكنادير لا تصلح للطلاب الذين ستكون هيئتهم أجمل وأشيك بالبنطلون والقميص وربطة العنق، التي سترتقي بذوقهم بدلا من الحمدانية وضبط الوزار، وسيتعرفون على ماركات ربطات العنق. وتناسى هذا البعض أننا ننظر لمسألة الزي المدرسي على أنه أمر متعلق بتكريس مظاهر وصور الهوية الوطنية في مرحلة مهمة من مراحل هذا النشء الذي يشهد تغييرات وتحولات هائلة في عصر العولمة الجارف. وهكذا سنستعد لاستقبال العام الدراسي المقبل من دون أن ندري كيف سيكون عليه الأداء مخبرا ومظهرا؟!. وهذا لا يمنعنا من تذكير القائمين على العملية التربوية والتعليمية بأن العبرة دائما بالنتائج، وبأن الاستقرار مهم جدا حتى تؤتي كل تجربة النتائج المرجوة منها، والأهم التركيز على الجوهر للوصول للبناء التعليمي المنشود. وكل عام وأنتم بخير. ali.alamodi@admedia.ae