لله درُّ الصابرين من الناس الذين، إذا أصابتهم مصيبة احتسبوا الأجر عند الله تعالى وحمدوه وشكروه، فكم هي مصائب الدنيا وكم هي العواقب والمهموم التي يواجهها البعض منا سواء كانت مرة وسقيمة في الحياة، فقد تكون المصيبة بالأهل أو المال أو العزيز، فهم يعون أن هذه المصيبة ابتلاء اختبار من الله ويعلمون أن بعض المصائب قد تكون خيرا وفرجاً لصاحبها، فكم من مبتلى ذاق لوعة المصيبة وأجر عليه وعوضه الله في الدنيا قبل الآخرة وكم من مؤمن احتسب الأجر عند الله إيماناً منه أن وراء العسر يسر، والخيرة فيما اختاره الله. فبالصبر يتغلب المؤمن على مصائبه وكما قال نبينا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».
وقد تغنى الشعراء والفطاحلة بصفة الصبر فقالوا فيه:
دع الأمـور تجـــري في أعنتهــــا ولا تـنامــنّ إلا خالـــي البــــال ?ما بين طرفة العين وانتباهتهــا يغير الله مـــن حــال إلى حـــال
فلا يجزع المرء منا ويفقد الأمل في الحياة ويترك نفسه ليأس الدنيا وتخبطها ويعيش في زمرة الضيق والحزن، فقد يبدل الله الحال من حال إلى حال ..فكم هي كثيرة تلك المطبات التي سنواجهها في الحياة ولكن بإيماننا وقوتنا ويقيننا بغدٍ أفضل سنتمكن من مواجهتها وتحطيمها بقوة وعزيمة وإرادة فلا نترك لها منفذاً تعبر به إلى نفوسنا؛ لأن إيماننا بالله أكبر وأقوى.
يُحكى أن أحد الصالحين كان إذا أُصيب بشيء أو ابتُليَ به يقول خيراً إن شاء الله وفي ليلة جاء الذئب على مزرعته وأكل جميع الديكة والدجاج الذي لديه والذي هو مصدر رزق له، فجاءه أهل بيته والناس ليواسوه فقال خيراً إن شاء الله، فتعجب الناس لأمره، وفي يوم ضرب كلبه ومات، فجاؤوه مرة ثانية ليواسوه، فقال خيراً وفي الليلة التي بعدها نهق حماره فمات، فقيل له الأمر نفسه، فرد عليهم خيراً إن شاء الله، فضاق أهله بكلامه ذرعاً وتعجبوا لأمره، فنزل بهم أعداء في تلك الليلة على القرية وأغاروا عليهم وقتلوا كل من فيها عدا أهل بيته، فالأعداء أغاروا على البيوت واستدلوا عليها من صياح نباح الكلاب وصياح الديكة ونهيق الحمير التي كانت فيها، وهو قد مات له كل ذلك، فكان هلاك هذه الأشياء خيراً وسبباً لنجاته من القتل فسبحان المدبر الحكيم.
وكما قال أحد الحكماء:
سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري وأصبر حتى يقول الصبر إنني صبرت على شيء أمر من الصبر. 


Maary191@hotmail.com