سواءً كنت في الإمارات أو مسافراً إلى أقصى العالم، فإنك لن تفتقد المشهد ذاته، والأحاديث نفسها، وبالرغم من أننا ضد كثير منها، إلا أنها تظل مشاهد واهتمامات إنسانية تشكل لدى البعض أهمية معينة – من وجهة نظره – طالما أنه يظل متمسكاً بها، وإلا فما الذي يجعل بعض شبابنا يصطحب معه سيارته الفارهة إلى أقصى بلاد العالم ليستعرضها أمام مدخل الفندق الذي يسكن فيه، في الوقت الذي بإمكانه أن يستأجر أكثر السيارات رفاهية وفخامة دون أن يتحمل تكاليف الشحن وغير الشحن ؟ إنه مجرد مثال بسيط ومتكرر ومعتاد – في بلدان أوروبا تحديداً - من سلوكيات بعض شباب الخليج التي تحتاج إلى مراجعة وفهم كي نصل إلى نتيجة حول أسبابها وآثارها وانعكاساتها على صورة الخليجي بشكل عام والعربي بشكل عام في القراءة الغربية لحالتنا الدائمة والراهنة إذا كان هذا الأمر يعنينا حقاً ونحن نتحدث عن الحوار بين الشرق والغرب !! المبالغة في الملبس، المبالغة في الإنفاق، المبالغة في عمليات التسوق، عدم ضبط سلوكيات الصغار في الفضاء العام الملحوظ والمراقب من قبل الجميع كالشارع والمركز التجاري والفندق والمطار والمطاعم و...، فنحن نصدِّر صورتنا للآخر من خلال التعامل المباشر وغير المباشر معه، فلماذا نصر دائماً على تصدير صورة الإنسان الذي لا يملك سوى الكثير من الأموال والقليل من الضوابط السلوكية ؟ لننتبه لنقطة مهمة ونحن نتحدث عن هذه القضية الحساسة: فكثيرون من أهلنا في دول ومواسم السياحة يظهرون بمظهر وسلوكيات أكثر تحضراً ورقياً مما يمكن أن يخطر على بال أحد، فالحديث تنويه وليس تعميماً، أما ثانيا فإن الأوروبي والغربي بشكل عام ليس مقياساً ولا مسطرة، نقيس بها وعليها سلوكياتنا وتصرفاتنا، وحين نذكر بعض التصرفات فإن الحديث لا ينصب في مجال المقارنة مع أحد بقدر ما يصب في مجرى الرغبة الجامحة أن تكون لنا شخصية خاصة تتمتع بالإعجاب والتقدير لا بالانتقاد والازدراء. أما ثالثا، فإننا حين نتحدث عن هذا الأمر مراراً وتكراراً فلا نفعل ذلك – كما يقول ويعتقد البعض – من منطلق جلد الذات وازدراء النفس في مقابل امتداح الآخرين (غربيين وغير غربيين) فقد قلنا إن الآخر ليس مقياسنا وليس أنموذج المقارنة المثالي أبداً، فمن حقنا أن نغار على أهلنا وصورتنا وسمعتنا، ومن حقنا أن نغضب حين نسمع ما يؤذي ويجرح، لكننا لا نستطيع أن نجادل فنحن أحياناً من نستدعي اللوم والنقد. ما الداعي للسيارات الفارهة المليئة بعبارات مستفزة ومثيرة للسخرية، ما الداعي للضجيج في بهو الفنادق الكبرى ومد الولائم وأطباق المأكولات الشعبية ؟ ما الداعي لأن نسير مدججين من قمة الرأس وحتى أصابع القدمين بأغلى العلامات والماركات التجارية ونحن في رحلة سياحية، نتخفف فيها من أعباء العام باحثين عن المتع والراحة والفائدة ؟ ما السر في أننا جميعاً لا نحب المتاحف والأماكن الأثرية كالقصور التاريخية والمصانع والمواقع ذات التاريخ العريق ؟ ما السر الكبير في عشقنا للأسواق، وفقط الأسواق مع أننا نملك في الإمارات أكبر وأفضل أسواق العالم ؟ ayya-222@hotmail.com