الموضوع هنا لا يخص بنوكنا ولا ديونها التي تعرف كيف تستردها إذا كانت عند أشخاص بسطاء، وتتغاضى عنها إن كانت عند الأغنياء، وتنساها تماماً إن كانت عند شركات عالمية، ووهمية، ولا يخص ديون البنوك للأفراد الميسرة منها، والمسهلة التي تراعي إجازة الصيف، وعطلة الأولاد، وحمل الزوجة، وعطل الأعياد، حتى يتم تقسيط قسط القرض إلى أقساط، والمقترض يهز رأسه بالموافقة أمام شرح المصرفي بعجالة عن المبالغ الضئيلة لفوائد البنوك المركبة، والتي تحسب عند مطلع كل قمر، أو حين يبزغ نجم سهيل، موضوعنا يخص الذين يعشقون الدَين، ويسعون له سعي الحية الخارجة من سربها، هؤلاء الفئة من الناس تجدهم يبكون في جنازة الأب، وبعد أربعين يوماً تجدهم يفرحون للابن الوريث، وبعد فترة يطلبون منه سلفاً أو قرضاً أو ديناً، حالفين بأغلظ الأيمان، وبروح والده التي ترفرف في الجنة، أن يردوه في ساعة الفرج، وأنه لولا الشدة وضيق ذات اليد، لما مدوها لأحد، بل تمنوا أن تقطع من الإبط، غير أن هذا الدين يصبح مع الوقت جزءاً من خبر كان، ويصبح السلف تلفاً، والصديق عدواً. لهؤلاء الفئة من الناس ظهر شخص يدعى “أبو مطرقة”، وظهر دكانه لتحصيل الديون، وقصة “أبو مطرقة” أنه لا يفهم كثيراً، ولا يحب أن يفهم، هذه الميزة جعلته يتدرب ويعضّل، ويتجه للمصارعة منذ البداية، حتى استقام، وأصبح كاسطوانة خرسانية متحركة، أعجب الناس بقبضته الحديدية، وبضربة الجبهة الدموية التي كان يجندل بها منافسيه، فأطلقوا عليه منذ ذلك الوقت لقب “أبو مطرقة”، كبر هذا الاسم في الوسط الرياضي والاعلامي، وظل يطن في آذان الناس مع كل انتصار يحققه، حتى أصبح على كل لسان، المهم اعتزل مصارعنا، وظلت صورته في الأذهان ماثلة بحجمه الكبير، وعضلاته المفتولة، وبالوشم الذي يزين الزند، لم يفكر أن يصبح مدرباً، ولا ( بودي كارد) للشخصيات المهمة، ولا متعهد حفلات نصاب، ولا زوجاً لأرملة ثرية متصابية، ولا صاحب سيارات تاكسي بلا عداد، لقد قرر أن يفتح دكاناً صغيراً، كان يضيق بحجمه إذا استراح فيه، أو مد رجلاً على رجل في ساعة بسطه، أو عز نوم القائلة، كان رأس ماله، طاولة خشبية متقشرة، وكرسي عريض بمخدة قطنية تالفة، وجهاز هاتف أسود بوقرص، ورفع لافتة على واجهة الدكان، وبخط عربي رديء، مكتوب عليها “أبو مطرقة” لتحصيل الديون، وضمان سداد الديون المعدومة. تبدأ مهمته حين يتصل به دائن يشكو مديوناً واعده، وسوّفه، وماطله، وتهرب منه، بعد أن تصل هذه المعلومة إلى أذن مصارعنا القديم، يطلب من زبونه تزويده فقط بعنوان المدين، واسمه، ويترك الباقي عليه، والعمولة حسب المبلغ المحصل أو حسب العاهة التي يسببها في ناكر الدَين، والمعروف! amood8@yahoo.com