روبين شارما وكتابه “دليل العظمة”، ينبئ بالحالمين القادرين على التمسك بزمام الحياة، ففضاؤهم هو الإدراك واتساع الرؤية، ومن صافاتهم تلاحم النفس مع الذات، ليصبح البعد الأقصى أيقونة التجدد، أما الحياة فمعناها الرغبة والطموح والمثابرة، هم ليسوا وحدهم القادرين على تجاهل أصوات ناقديهم الموسومة بالتحدي، بل هنالك من هم شغوفون إلى العلياء، لديهم تصميم على الارتقاء بأعمالهم ويملكون أرواحاً جسورة قادرة على بناء الشخصية التي تتماهى مع الأحلام. في البدء يستشهد الكاتب بمارتن لوثر كينج حين قال: “تشارف حياتنا على الانتهاء حين نسكت عن الأشياء المهمة”، مغزى جميل ورائع ساقه الكاتب، فاتزان المحيط الخارجي للإنسان يبدأ من نواة الفرد نفسه، فما يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فصنع الشخصية هو بدء التميز من خلال التكوين، أما التألق فيصبح طاقة متجددة تحفظ مبتغى النفس بصورة متلازمة وذكية. يتحدث الكاتب عن الأسوار الخفية المحيطة بالشخصية، وقد أسميتها الأسوار الوهمية التي تغلف الشخصية، وهي محض قيود وافتراضات ننسجها حولنا ونعيش بداخلها ونصدقها، وأحياناً نصدم فيها كون الآخر يقع في سياجها أيضاً، ومن هنا لا نقبل التغيير ونخشاه. من عالم الشخصية إلى عوامل الاتصال بالآخر يستدل الكاتب بقول روبين سارسا: “الإنصات هو السبيل إلى المعرفة”، وقول بروس ماو: “كل إنسان يدخل في مسارنا يجلب معه عالماً أغرب وأكثر تعقيداً مما كنا نأمل أو نتخيل، وبالاستماع إلى التفاصيل ودقة احتياجاته ورغباته وطموحاته ندمج عالمه بعالمنا ليختلف الاثنان إلى الأبد. فمهارات الإنصات التي يجهلها كثيرون ممن لا يعرف أنها مهارة ذاتية وأساسية قد تستوعب منها فضاءات حياتية جميلة، ما تساعد على التميز”، ويورد الكاتب مثلاً آخر لقصة “ديفيد ميجيا” الذي ولد دون آذان لكنه استلهم من ضعف خلقه قوة، ومن سخرية البشر منه منهجاً ومصدر إلهام، ما جعله إنساناً ناجحاً، فقبل بما أعطته الحياة، فلم يلعن الظلام بل أشعل الشموع. تلك القصص متوازية كل التوازي مع خاصية الكتاب القائمة على الوعي والإدراك بتفاصيل الحياة ونبذ التشاؤم، فمن قصص التسامح الذي سردها عن المناضل والرئيس نيلسون مانديلا حين دعا ثلاثة من حراس سجنه إلى حفل تنصيبه كرئيس، أو قصة الطفل الذي يضع سلحفاة مطاطية بالسيارة ليذكر والديه أن يقودا بتمهل ويحترما أرواح الآخرين. الأحلام أكثر تجسيداً للحقيقة، وهي الشفافية التي يتسم بها الحالمون من حيث إنهم يرون ما لا يراه الغير، فكتاب “هاري بوتر” رفضه كثير من الناشرين لكنه أسر قلوب ملايين القراء فيما بعد، ويقول الفيلسوف الألماني آرثر سكوينيور: تصيب الموهبة هدفاً لا يصيبه سواها ويصيب النبوغ هدفاً لا يراه غيره. فليكن، إذاً توق الحلم الجميل الذي نسعى إليه هو نبع الانتماء، ولنتحلى نحن بالبساطة وبالروح التي تصل بنا إلى درجة الشفافية.