بشكل غريب تسلل شعور اللامبالاة بالأسرة إلى نفوس معظم شباب الجيل الحالي، وصار في كل بيت شخص واحد على الأقل لا يتحمل مسؤولياته تجاه أسرته ومجتمعه، يجد نفسه متفردا ومتميزا يجب أن يخدمه الجميع وتتوفر له المطالب بينما هو يأكل “ويمش ايده في الطوفة”. وحدهم هؤلاء جالسون على العرش، آباؤهم يتمنون إصلاحهم ولا يستطيعون، أمهاتهم يغشين عليهم من أصدقاء السوء ، شقيقاتهم يرتدعن خوفا منهم لأنهم -غالبا- اعتادوا ضرب الأخوات، وهم عادة لم يتزوجوا بعد، ومن تزوج لم يفعل شيئا أكثر من إضافة قطعة ديكور إلى منزله، يتأفف منها ولا يستطيع تحمل مسؤوليته تجاهها، ولا يريدها أن تتحرك خارج حدود البيت وإلا “قص ريولها”. في البيوت الإماراتية كثيرون من هذه العينة، شبان نمت فيهم اللامبالاة، وأكبروا على أنفسهم القيام بدورهم الحقيقي في أسرهم، بيوتهم فنادق ومسؤوليتهم تجاه أهلهم معدومة، ولا تستيقظ رجولتهم إلا عند التجبر على شقيقاتهم، أو الصراخ في وجه أمهاتهم. تتشكل ملامحهم منذ بداية مراهقتهم، فتجد العناد يسيطر عليهم، وغالبا هم فاشلون دراسيا وإذا نجحوا وجاهدوا واستمروا تخرجوا من الثانوية بنسبة 54% أدبي طبعا، ليبدأوا بعدها سلسلة من الطلبات التي لا تنتهي مثل سيارة، مصروف، نقود لتصليح السيارة، ونقود للسفر، وأخرى “لتفصيل الكنادير”، مسلسل “أعطونا الله يعطيكم” لا ينتهي، لهم قدرة على طلب النقود من كل أفراد البيت بدءا من الأب وانتهاء بتحويل آخر 5 دراهم في رصيد شقيقهم الأصغر إلى هواتفهم المتحركة. من يجتهد منهم في وظيفة ينضبط من أجل الراتب فقط، وهذا الراتب غالبا لن يرى منه الأهل فلسا واحدا، وعليهم مع ذلك تجهيز وجباته الثلاث، غسل ملابسه وكيّها، وترتيب غرفته قبل أن تتحول إلى “صنّية”! ينام الواحد منهم ملء جفنيه إلى صلاة العصر وأمه تبحث عن “تاكسي” ليوصلها إلى العيادة، توقظه 10 مرات ولا يستيقظ، تبكي على رأسه ولا يهتز له طرف، وفي النهاية تستلم وتترك له عالم الأحلام السعيدة. غالبا ما ينشغل هؤلاء بأنفسهم لدرجة عبادة الذات، يلاحقون المواعيد في عيادات الليزر وتنظيف البشرة، يبتدعون قصات اللحى، حتى يخيل إلى من يراهم أنهم يحلقونها “ بالمنقلة والفرجار” . مؤخرا برزت بينهم صرعة حلق جزء من الحاجب وكأنهم “مشكلجية” فتراهم في المولات وتقول في نفسك أي عركة بالسيوف قطعت حواجبهم! وازعهم الديني يقتصر على صلاة الجمعة، وفي الغالب يحضرونها كل أسبوعين أثناء الخطبة، يجاهد معهم الأب والأم والشقيقات والإخوة الصالحون، لكن لا مجيب. شبان يتسربون من الحياة إلى اللامسؤولية واللا اهتمام، في كل بيت منهم عينة، هم ليسوا مجرمين بالضرورة، لكنهم يجنحون إلى المشاكل، يدهم لا تمتد بالخير لأهلهم وإن كانوا معطائين وأصحاب “ فزعة” للغرباء، يدعو لهم كل من يراهم بالهداية، هم قابلون للإصلاح، لكنهم يحبون جذب الانتباه بأن يبتعدوا عن “القطيع”.