استعد نقودك إذا لم تستفد خلال شهر، نضمن لك إنبات الشعر حتى تحت أظفارك، وفي راحة يدك، فقط استعمل منتجنا قبل النوم وبعده، النتائج مضمونة، كل البثور والحبوب والتشققات والتشوهات ستزول وتختفي فقط خلال أسبوع واحد من استعمالك منتجنا، لأصحاب البشرة السوداء، استعمل الكريم مرة يومياً، وخلال أسبوع لن يعرفك أصدقاؤك، وستتحول بشرتك السوداء إلى بيضاء ناصعة البياض، وداعاً للصلع، والقشرة، وتساقط الشعر، الذي سيختفي بعد أقل من أسبوعين، والتجربة خير برهان. ولا أعرف أي تجربة، ومن الذي جرب، ومن أعطى رأيه.
ما سبق كله نسمعه يومياً أكثر من مائة مرة، وتطالعنا به أجهزة التلفاز والإذاعة، ونشاهده على صدر صفحات الصحف، دعايات وإعلانات.. المضمون والتأكيد والضمان، ولا أعرف من يضمن حق المستهلك، ومن يرجع له نقوده إذا لم تتحقق النتائج المرجوة من المنتج الفلاني الذي كتب عليه بالبنط العريض، إذا لم تتحقق النتائج نضمن لك إرجاع نقودك!!، نعم، لهذه الدرجة وصل الاستخفاف والعبث بعقل المستهلك، الذي لا يجد إلا أن يضرب رأسه بأكبر حائط، إذا لم يجد المنتح كما يشتهي، وكما سمع وأقنعته الحسناء الشقراء، صاحبة القوام الرشيق، والخصر النحيل، الهيفاء، النجلاء، المتمايلة كغصن البان، تكسوها بعض قطع القماش تستر أجزاء بسيطة من جسدها، وهي تقدم إعلان منتج آلة الحلاقة الرجالية، وتحولت آلة الحلاقة الملساء ذات الشفرات الفولاذية إلى أشبه بسكين تقطيع البصل!!، أو تلك التي تتخلى عن كل ملابسها وترميها للمشاهدين وتدخل لتأخذ “دشاً” ساخناً، تكوي به قلوب من يتابعها، لتضمن نعومة كالحرير، ورائحة تدوم طوال اليوم، وبعد أن تشتريه تكتشف أن ليفة النخل أفضل منه!! فمن يضمن للمستهلك ما قيل عن هذا المنتج وذاك في الإعلانات؟!!
الكثير، بل الأغلب، إن لم نقل جميع الإعلانات تتضمن مبالغات كبيرة جداً، وهي ضحك على ذقون المستهلكين، وتدغدغ مشاعرهم، ولا تفي أبداً بالتزاماتها، ولا بمضمون ما تحتويه المادة الإعلانية، التي تقدم وعوداً زائفة، ومواصفات وهمية، وتؤكد أنها ذات نتائج فائقة ومجربة، وهي ليست كذلك، وفي كثير من الأحيان تكون تلك المنتجات من أسوأ المنتجات الشبيهة، وأردئها، ولكن الدعايات قدمتها على أنها الأفضل والأجمل والأروع والوحيدة في الأسواق.
إن تلك التجاوزات والمخالفات والتضليل باتت خارج السيطرة بعد فتح الفضاء الخارجي والداخلي، لكم لا حصر له من القنوات الفضائية والإذاعات، وغيرها من وسائل الإعلام، التي تتسابق الشركات للترويج لمنتجاتها دون ذمة أو ضمير، وهو ما يتطلب وعياً ذاتياً، وثقافة لمواجهة تلك الإعلانات، ولكن بعض المنتجات التي تروج لنفسها بنفسها كأن تدون على العلب والقوارير والأغلفة، وتعطي المستهلك الوعود والضمانات يجب أن يحاسب منتجوها، ويجب أن يكون للأجهزة الرقابية دور فاعل في مواجهة مثل هذه الإعلانات، وخاصة كما قلت التي تضمن استرجاع النقود إذا لم تتحقق النتائج المرجوة!!.



m.eisa@alittihad.ae