يوم أمس تابعت حديثاً لبرنامج “الرابعة والناس”، من إذاعة عجمان، لمسؤولة في شركة تمويل قروض، وضعت إعلاناً للراغبين من التجار في اقتراض مبالغ ضخمة.
أكثر ما استوقفني في حديث تلك المسؤولة، وهي من إحدى الجنسيات العربية، أنها كانت لا تتوقف كثيراً عندما تذكر الضوابط الجديدة للإقراض التي وضعها المصرف المركزي، ودخلت حيز التنفيذ منذ شهر مايو الماضي، بل تطمئن الراغب في الاستفادة من خدماتها بألا “يأكل هم” فتلك الضوابط لا تعنيه أو تعنيها، حتى تلك الشروط والضوابط المتعلقة بتحويل مبالغ وأموال ضخمة من خارج البلاد، وهي ضوابط صارمة وضعتها الدولة لضمان عدم استخدام البيئة المصرفية المتطورة في البلاد لغايات غير قانونية كتبييض الأموال، وغيرها من المسالك الإجرامية المشبوهة التي تتصدى لها دول العالم، مطمئنة الجميع بأن مصدر الأموال بنك عالمي في بريطانيا. ولم يكن يهمها إلا التأكيد على نسبة الخمسة عشر بالمئة من القرض الذي ستتكفل تدبيره لأي مشروع، والذي يجب ألا يقل عن عشرين مليون يورو، أي أزيد من مئة مليون درهم.
وأكدت أن الشركة التي تمثلها لا علاقة لها بدراسة جدوى المشروع المقدم ميدانياً، لأن علاقتهم بالأمر ستكون على الورق، وإذا ما تعثر المقترض، فإن الشركة تتمسك بحقها في نسبة الخمسة عشر بالمئة عند أي تأخر في السداد.
حوار سريع يكشف حالة سوق يزخر بمثل هذه المكاتب أو “الدكاكين” التي تعمل على الورق لاختراق ضوابط صممت للمحافظة على سلامة البيئة المصرفية في البلاد، وهي لم توضع عبثاً، وإنما جاءت بعد دراسات مستضيفة لما كانت عليه الأمور في هذا القطاع الحيوي والمهم من قطاعات الاقتصاد الوطني. وهو محاولات لاختراق تلك الضوابط بالمسار ذاته من التحايل على هذه الضوابط الجديدة، والتي تقوم بها بعض المصارف في السوق، وتغذيها من خلف الستار مع وكالات بيع السيارات الجديدة، أصوات ترتفع هنا وهناك تدعو لإعادة النظر في هذه الضوابط المشددة، وهي ضوابط موضع ارتياح كل من يهتم بالصالح العام للمجتمع، وليس مصالحه الخاصة أو ينظر للأمر من زاوية تراجع مبيعاته، بعد أن كان أسلوب الإغراق السابق يحرك مبيعاتهم. أولئك الذين كانوا يستفيدون من إغراق مستهلك محدود الموارد بتسهيلات وإغراءات مالية لا قبل له بها، ومحاصرته بعد ذلك بوسائل أخرى، تجعله أسير دوامة القروض والخدمات الائتمانية الأخرى، لا يستطيع الفكاك منها، بعد أن غمرته السلوكيات الاستهلاكية، وغابت عنه النظرة الرشيدة للتعامل مع تطلعاته سواء بإقامة مشروعه أو حتى متطلباته الحياتية الآنية.
إن التصدي لمحاولات الالتفاف على الضوابط الجديدة للمصرف المركزي، يتطلب من المعنيين تعاملاً حازماً مع مثل هذه الشركات الوسيطة أو فروع بعض البنوك، وكذلك وكالات السيارات، وغيرها، ممن لا يهتمون بالنتائج المؤلمة على المجتمع، والتي تسببت فيها ما يعتبرونها تسهيلات. وسجلات المحاكم خير شاهد على نتائج ما جرى من إغراق في الإقراض. لذلك سنظل “نأكل هموماً وليس هماً” طالما الأمر يتعلق باستقرار المجتمع وأفراده.


ali.alamodi@admedia.ae