تترسخ قناعة من يتابع أزمة المواقف في العاصمة، بأن العلة ليست في الفكرة أو النظام أوالمشروع برمته، وإنما في الجهة المسؤولة عن إدارته، والتي تصر على المضي في تطبيقه، بالرغم من كل الانتقادات الواسعة والملاحظات على سوء الإدارة والتطبيق، جراء ذلك الإصرار على وضع العربة أمام الحصان، وعدم إيجاد البدائل للناس قبل محاسبتهم على أمر لا ذنب لهم فيه. فتنظيم المواقف لم يرتبط به توسع بإقامة المواقف متعددة الطوابق في كل حوض، بما يستوعب كل هذه الأعداد من السيارات المسجلة والمرخص لها أن تدب على طرقاتنا، ولم يرتبط معه توفير البدائل من شبكة نقل عام كفؤة، ولا تشريع ينظم تراخيص السيارات أو الفئات المسموح لها باقتناء السيارات. لتجد إدارة “مواقف” نفسها في وضع يطالبها بامتلاك عصا سحرية لتصحيح هذا الوضع القائم، ولأنها لا تملك تلك العصا، فقد كان أسهل الحلول المتاحة أمامها تخطيط الأرصفة ونشر أجهزة التحصيل وإصدار تصاريح للسكان الذين رغم حرص أغلبهم على الالتزام بالتعليمات واستخراج التصاريح المطلوبة، إلا أنهم لم يسلموا من المخالفات بسبب أخطاء لم يكن لهم فيها أي ذنب سوى حرصهم على الالتزام بالنظام المقرر.
وقد تابعت معاناة أسرة مقيمة في الحوض التجاري لمنطقة الكرامة، حرصت منذ خمسة أشهر على طلب تصاريح سكان لموقفين، لتفاجأ عند تطبيق النظام بتحرير مخالفات بحقها قيمة كل منها خمسمئة درهم لعدم وجود تذكرة أو تصريح!. استغاثوا بخدمة عملاء “مواقف” ليتضح أن تصريحي سيارتي الأسرة قد أصدرا لحوض آخر بالخطأ، وبدلاً من تصحيح الخطأ الذي تسبب فيه موظف إدخال البيانات، طلبوا من رب الأسرة الحضور إلى مركز “خدمة العملاء”، حيث تم إبلاغه بأن تصحيح ذلك الخطأ يتطلب ما بين أسبوع وعشرة أيام عمل، وريثما يتم ذلك عليه شراء تذكرة من الجهاز يومياً إذا ما أراد إيقاف سيارته أمام المنزل، وهو الذي دفع ألفي درهم مقابل تصريحي السيارتين. ومضت أسابيع والخطأ لم يصحح، رغم أن الأمر مجرد إعادة إدخال بيانات، وتحرير المخالفات مستمر، وكذلك اعتذارات لا تقدم ولا تؤخر، مع قلق تعيشه الأسرة خشية سحب السيارتين من المكان لذنب لا يد لها فيه.
وهذه مجرد حالة من بين عشرات الحالات لواقع وضع متأزم جراء أزمة “مواقف”، حيث ينهار النظام بعد العاشرة مساء، وحتى التاسعة صباحاً، ولا يضمن التصريح المدفوع الثمن لصاحبه موقفاً لصاحبه. فالقضية ليست في التنظيم، وإنما في تطبيق النظام على بقعة محدودة الاستيعاب، مقابل أعداد كبيرة من المركبات يلف أصحابها حول منازلهم بحثاً عن مكان لإيقاف سياراتهم، وعملية البحث تعتمد على حظ الباحث، لدرجة أن بعض الذين يعملون في المناوبات الليلية أصبحوا يتهربون منها جراء هذه الأزمة التي أصبحنا نعيد بسببها صياغة أشياء كثيرة في حياتنا، بما فيها الزيارات الاجتماعية، فهل تعيد “مواقف” النظر في سياساتها، بعيداً عن ذلك الإصرار والقول إنها على صواب وبقية خلق الله مخالفون؟!.


ali.alamodi@admedia.ae