هناك رؤساء هم من يرسمون صورهم الكاريكاتوريه بأنفسهم، نتيجة بعض قراراتهم وتصرفاتهم التي تحمل شيئاً من الغرابة، وكثيراً من الطرافة، وقد مر منهم الكثير على التاريخ، فأبكوا وأضحكوا زمنهم، واحتفظ التاريخ منهم ومنها ما يكفي لعبر الزمان، فنيرون الذي حرق روما، ووقف على خرائبها، كانت له مواقف كاريكاتوريه سبقت هذا الحدث الجنوني، لكنه بقي العمل الذي لم يشاطره أحد مثله، كاليكولا له من الحماقات الكثير، ولا يمكن أن يصدقها العقل، لأنها جاءت إلينا مضخمة ومجسمة، وبصورة ضاحكة وباكية، وفي التاريخ الإسلامي يمكن أن يعد الخلفاء العباسيون في أواخر دولتهم والذين كانوا يعينون من الخدم والموالي، بعضهم يحكم لأيام، أما شخصية الحاكم بأمر الله الفاطمي فهي الطاغية في هذا المجال، نظراً لغرائب ما يأتي، ويتخذ من قرارات كمنع الملوخية عن الشعب المصري، وإجبار الناس على أكل بعض الحلويات في رمضان، حتى دخل نفقاً وهو ممتطٍ حمارته، ولم يخرج منه، ليجعل من نهايته شيئاً كاريكاتورياً مبهماً، ولقراقوش الوزير مضحكات ومسليات من الأمور، ما جعله يضرب به المثل فقيل “حكم قراقوش”، أما التاريخ الحديث فحافل بمثل هؤلاء الرؤساء الكاريكاتوريين، خاصة في أفريقيا كعيدي أمين الضخم والملاكم وسائق سيارات السباق، والذي اختصر مرة مسألة حدودية بين بلده وبلد جاره أن طلب من جاره الرئيس الضعيف البنية أن ينازله في المصارعة والملاكمة والغالب يضم أرض المغلوب، أما بوكاسا فمنذ أن ورطه الزعيم القذافي بلقب صلاح الدين، وهو يعيش البذخ المفلس، وكاسترو له بعض الهفّات الكاريكاتوريه، خاصة في خطبه الرنّانة والتي يحتشد لها شعب كوبا بأكمله، وذلك حين ضرب عليه الحصار، وقلّ عنده الوقود، طلب من الشعب الأبيّ أن يعتمد على الثيران الكوبية، ولا منّة أميركا، أنور السادات له تخريجات، وله آراء وخطب تعد نكتاً، فهو من أصدر قانون العيب، وقانون العائلة، وهو مرة حبس كل النخب المثقفة في “أبو زعبل”، صدام حسين كان الفعل الديكتاتوري غالباً على الكاريكاتوري، مثل حبس لاعبي المنتخب الوطني لخسارتهم من إيران أو الكويت، ومرة صنع من خوذات الجنود الإيرانيين تمثالاً للجندي المجهول أو الشهيد، أما القائد القذافي فمواقفه كثيرة، بدءاً من إمامة رؤساء أفريقيا السوداء، ورشهم بخطبة عربية فصحى نهار الجمعة الحامية، إلى فحوى الكتاب الأخضر والكتاب الأبيض، حتى مقابلاته وحضوره المؤتمرات، وملابسه، وخطبه التي ربما أشهرها “زنقة.. زنقة”، ومرة زعل من الشعب الليبي، فحرمه من مشاهدة التلفزيون الذي ظل يبث صورة حذاء فقط. الراحل بورقيبه، كان يتمتع بكاريكاتوريه مسلية، خاصة خطبه وأحاديثه، أما الرئيس الفنزويلي شافيز، فالبدلة الرياضية لا تفارق جسده، ويعزف على الغيتار، وسجل أول ألبوم أغانٍ له، ويقدم برنامجاً تلفزيونياً اسمه “الرئيس”!



amood8@yahoo.com