فيه من الملامح ما يجذب أي إنسان يراه، ليس بعينين زرقاوين أو شعر ذهبي، أسمر بسمرة العرب الأقحاح، صوته جاذّب جذاب، سريع بديع في انسياب، بين النشيد والهدير، يتهادى خارقاً، حارقاً جدار الصوت، والصمت، تحب الرياضة التي يتحدث عنها، كعاشق، ولو كانت آخر اهتماماتك، فيه من طيبة أبناء النيل ما يجعله سفيراً فوق العادة للطيبة التي تغلف قلبه النابض دوماً بالحياة، لا يكلّ ولا يملّ من العمل، متوقداً كشعلة “أولمبية” لا تطفئها الرياح، بل تزيدها اشتعالاً وضياءً ونوراً. عربي الوجه، خليجي الهوى والهواء، إماراتي بين الإماراتيين، ضيف بسرعة البرق أصبح من أهل البيت الساكنين منذ آلاف السنين، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، أحبته الأرض قبل الأنام، فهو وإن لم يكن وُلِد بها، إلا أنها أسكنته بين ذراعيها، وضمته بصدرها الحنون، لينطلق طائر النيل، طائراً طائفاً الآفاق بقلب عصفور، وأجنحة النسور، وجرأة الصقور. عربي اللسان لا يخطئ الهدف حين يصطاد الكلمات كصيد الغزلان، متساقطة أمامه الكلمة تلو الكلمة، منصاعة مرتاحة مستسلمة قبل أن يرمي، لتنساب على لسانه وفي قلمه، متهاديةً فرحةً بصيّادها.. تعرفه أبوظبي ببحرها، وصحرائها كما تعرف أبناءها الطيّبين، فقد أعطاها أغلى ما ملك. يدخل قلبك، بلا استئذان، يقتحم عليك أحاسيسك وصفوتك، يقتلعك من عزلتك، يجعل أي مكان يحلّ فيه نابضاً بالحياة، يستولي على الحضور مهما كانوا من البلاغة ومن العدد، تكاد لا تحيط الكلمات بأدبه وأخلاقه، أو روعة حديثه وعذوبته وجاذبيته، لا أدري أأتحدث عن خطيب أم عن أديب، عن ساحر أم عن شاعر، عن صديق أو رفيق، على الرغم من أنه لم تمض على معرفتي به سوى بضع سنين، وأشهر قليلة، وأيام، هي لحظات في عمر الزمن. إنه”مجموعة إنسان” معرفته فخر، ونيل حبّه نصر، ومن ذا الذي لا يفخر حين يجاور عين ماء سَلْسبيْل ونبع عطاء! سكن وما زال وسيظل، أول الواصلين إلى القلب، بلياقته ولباقته، كيف لا وهي رياضته التي لا يجيدها إلا أمثاله من الرجال، رياضة الروح قبل الجسد، فروحه الرياضية، تجعله، يجتاح المشاعر بنُبله ونَبْله الذي لا يخيب ولا يخطئ أبداً، يمتشق قلبه المفعم بالحب، ولسانه العذْب الرطْب، ناقداً بكل أدب بلا تجريح، مثنياً مشيداً بدعابة وترويح. عميق التحليل، بديع التشكيل، منمّق العبارة، لمّاح الإشارة، بالغ الشطارة، في العمل والإدارة، إلى جانبك، حين تخطئ قبل أن تجيد؛ لأنه يعرف الإنسان، وأن الرحمة فوق العدل أحياناً، يحملك على راحتيه مشيداً، فلكل مجتهد عنده احترام. نودّعه بنشيج، غير قادرين على البكاء، مختنقين بدموع، مُرّة علقمٍ في حلوقنا، حَرّى تكوي عيوننا، لألم حلّ بعلم في الإنسانية قبل الرياضة، الأستاذ عصام سالم، حين خطف الموت فلذّة كبده، لتتوقف ساعة الزمن في جريدة “الاتحاد”، معلنة وقوفها حزناً على روح ابنه البار أحمد رحمه الله، وإكباراً لمن كُلِمَ فؤاده بحبّة قلبه، فآثر الابتعاد عن الضوء والخلوة بنفسه.. لن تبتعد عن القلوب التي ستعيش بنبض قلبك وفي ضوء شمعتك المضيئة لكل من أحبّه واحترمه.. نقول للإنسان في قلبك: دمعتك عزيزة علينا جميعاً، وحزنك كبير ولكنّ قلبك أكبر، لا تبتعد كثيراً، فنحن معك، وحين تحطّ بك الطائرة في قاهرة المعزّ، سترافقك قلوبنا، مستقبلة إياك كما ودعتْك، وستجد أنك طائر النيل كما صوّرتْك.. ? بالفصيح: “صـباح الخير يا إمـارات”، وداعاً يا إمـارات، صـباح الخير يا بلاد النيل يا أرض الحضارات.