يوم أمس، بدأت امتحانات الإعادة لصفوف الثاني عشر، بعد الانهيار المدوي للنظام الإلكتروني الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم، وهي امتحانات إعادة جاءت على طريقة الذين تأخذهم العزة بالإثم، ولا يملكون شجاعة الاعتراف بالخطأ.
وقد جاءت إثر إصرار الوزارة على عدم تأجيلها، حتى يتمكن الرَّبع من القيام بإجازاتهم في موعدها، رغم أن عشرات الطلاب لم يكونوا يعرفون نتائجهم حتى أمس الأول.
وفي ذلك اليوم كنت في واجب اجتماعي بمجلس أحد الأعيان، ولم يكن من حديث للحضور، سوى هذا الخبر، وفاجأني أحد الحاضرين، بسؤال إذا كانت هذه الواقعة قد جرت في اليابان أو كوريا الجنوبية. فحدثتهم عن واقعة وزير التربية الذي استقال في اليابان، بعد أن وجد نفسه تحت نيران هجوم أعضاء البرلمان أو “الدايت” ووسائل الإعلام، لمجرد أن طلاب إحدى (وليس كل) المدارس العليا خرجوا من امتحان اليوم الأخير، وقذفوا بالكتب في الهواء، واعتبر النواب ومعهم أهل الإعلام، أن “التربية” أصيبت بانتكاسة “خطيرة”، بعد هذا السلوك “الخطير” لطلاب أكبر مدرسة في البلاد!!
عندنا ومنذ اليوم الأول لظهور الأزمة لم نسمع سوى مبررات وأعذار وتقاذف للمسؤوليات، في البداية حاولت “التربية” التلميح بأن مسؤولية ما حدث من نصيب “اتصالات” التي بادرت للتوضيح بأنها وبناء على طلب الوزارة قامت قبل عدة أيام بمضاعفة سرعة الإنترنت لموقع “التربية” إلى 100 ميجابايت، وهي سرعة قالت المؤسسة إنها عالية جداً وأكثر من كافية لاستيعاب حجم الضغط المتوقع على الموقع، وأبدت استعدادها لزيادة السرعة إلى 1000 في وقت قياسي إذا تطلب الأمر. من دون أن يقبل أحد التحدث عن ضعف البرنامج وما تسبب فيه من فوضى عارمة، جعلت حتى بعض الناجحين يشك في الدرجات النهائية التي حصل عليها في الامتحان، ووجدنا البرنامج يُنجِّح البعض الآخر في مواد لم يمتحن فيها أصلا، ووضع مواطنين في قوائم غير المواطنين والعكس، ناهيك عن ظهور فئة “غير معروفي النتائج”، ثم نسمع بعد ذلك الكلام الجميل والمنمق عن مصلحة الطالب الذي ندفعه دفعا لخوض امتحان لم يعرف ما إذا كان مُعنى به حتى اللحظات الأخيرة. ومع إجراءات اللحظات الأخيرة، سمعنا أيضا كلاما عن تغيير في آليات رصد الدرجات عصف معها البرنامج بتلك المعتمدة وفق نظام “الفصول الثلاثة”.
وإذا كانت هناك كلمة فهي التحية لأولئك الذين وصلوا الليل بالنهار في المناطق التعليمية، وجيء بهم على عجل لإصلاح ما يمكن إصلاحه من أخطاء لا ذنب لهم فيها.
إن ما جرى قدم لأجيال المستقبل نتائج إضافية غير شهادة النجاح، تمثلت في دروس مجانية قدمت لهم في سوء التخطيط والارتجال واعتماد برنامج دون إخضاعه للتجربة، أو إيجاد داعم له “باك آب”، وأهم هذه الدروس المجانية تلك الخاصة بالتهرب من المسؤولية، وإلقائها على الآخرين. ولولا بقية حياء، لوجهوا اللوم للطلاب وأولياء أمورهم لإصرارهم على التحصيل الدراسي والتقدم للامتحانات، وبعد ذلك الإلحاح لمعرفة النتائج، وكان الله في عون الجميع وبالتوفيق.


ali.alamodi@admedia.ae