أشرت عبر هذه الزاوية أمس الأول لإنجاز صفري مهم للدولة، تمثل في خفض معدلات وفيات المواليد أو الوفيات أثناء الولادة إلى الصفر، ولم تسجل أي حالة وفاة ضمن هذا التصنيف منذ العام 2004، بعد أن أصبحت 99.9% من الولادات تتم تحت إشراف عاملين صحيين وفي المستشفيات المتخصصة، لتحقق الدولة بذلك الهدف الخامس من الأهداف الإنمائية التي حددتها الأمم المتحدة للألفية الجديدة والمتعلق بتحسين صحة الأم.
وقد جاء هذا الإنجاز ضمن دراسة أعدها الاتحاد النسائي تضمنت العديد من الإنجازات التي تحققت للمرأة والأسرة والأمومة والطفولة. وهي تؤشر لمستوى الرعاية والاهتمام الذي تحظى به هذه القطاعات باعتبارها من أهم محاور رعاية الإنسان والأسرة. الا أن هذه الدراسة ذكرت ضمن ما أشارت إليه بعض الدراسات المتخصصة من معدل مخيف يؤثر على تلك الإنجازات، يتعلق بارتفاع نسبة الطلاق الى 40% من حالات الزواج، وفقاً لتلك الدراسات، التي ذكرت ايضاً أن نسبة الطلاق التي ُسجلت في الإمارات تعد الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي. ومما يثير القلق أن الغالبية العظمى من حالات الطلاق، هي في أوساط عرسان شباب، متزوجين حديثاً، رغم كل الجهود التي تقوم بها الجهات المختصة، وفي مقدمتها مؤسسة صندوق الزواج، التي تؤكد أن دورها ليس فقط جهة مساعدة في تمويل متطلبات إتمام شاب لنصف دينه، وتأسيس أسرة ناجحة، بل تقوم بدور أشمل من خلال “زيادة الوعي الأسري بقواعد تكوين الأسرة السليمة والعمل على تحقيق الاستقرار الأسري في المجتمع. وتشجيع زواج المواطنين من مواطنات وتعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية مع القطاع الخاص لتمويل برامج وخطط الصندوق وزيادة إقامة الأعراس”. والى جانب ارتفاع معدل العنوسة اتسعت دائرة المطلقات وغالبيتهن في مقتبل العمر مع وجود طفل أو طفلين في العديد من الأحوال. وأصبح الجميع يتقاذف المسؤولية حول المسؤول عن هذه المعدلات المرتفعة. وظهرت أصوات تقارن بين صمود الحياة الزوجية قديماً رغم أن الزوج والزوجة لم يكونا متعلمين، ولم تكن المرأة تعمل خارج البيت، ولا تحظى بكل هذه التسهيلات التي تنعم بها اليوم، والوفرة المالية التي تحققت لها بعد خروجها الى العمل. واتجهت أصوات أخرى لإلقاء اللوم على انتشار ثقافة الاستهلاك التي تعصف بشباب اليوم فتيانا وفتيات.
إن مواجهة هذا المعدل المخيف من معدلات الطلاق المرتفعة عندنا، والذي بات يعرف بظاهرة “الزواج صيفاً.. والطلاق شتاء” يمثل تحديا حقيقيا يتهدد الإنجازات التي تحققت للمرأة والأمومة والطفولة في الدولة، ويتطلب وقفة حقيقية لدعم جهود الإصلاح الأسري في دوائر القضاء والمحاكم، وتكثيف دورات التوعية للمقبلين على الزواج، فالزواج شراكة لبناء أسرة قوية تمثل إضافة لبنية المجتمع وتماسكه الذي نحرص عليه جميعاً، ويحتل أولوية قصوى ورعاية استثنائية من لدن القيادة الرشيدة، وحرصت على توفير كل الامكانات والموارد لتعزيزه وقوته، فالأسرة المستقرة المتماسكة عنوان قوة الوطن ومجده.
وأخيراً أستودعكم الله، لنتوقف لبضع أيام، على أمل أن يتجدد اللقاء والتواصل، والجميع “في خير وسهالة”، وكل عام وانتم بخير.


ali.alamodi@admedia.ae