الحياة مليئة بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة التي تحيط بنا، وبالرغم من أهمية الطرفين إلا أن البعض منا قد يتجاهل طرف ما على حساب الآخر، ظناً منه بعدم وجود مساحة تتسع لكليهما، فيفقد مذاق وحلاوة تلك التفاصيل، لأننا لا ندرك أن الحياة عبارة عن مجموعة من التفاصيل التي لابد من معايشتها بكل ما فيها، رغماً عن ازدحامها وفضائها، فهناك دائماً متسع لشرب فنجان قهوة. وتحقيق المعادلة الصحيحة، ويضع أمامه فكرة البروفيسور الذي وقف أمام تلاميذه. ومعه بعض الوسائل التعليمية. وعندما بدأ الدرس، ودون أن يتكلم، أخرج عبوة زجاجية كبيرة فارغة، وأخذ يملأها بكرات الجولف، ثم سأل التلاميذ: هل الزجاجة التي في يدي ملأى أم فارغة؟ فاتفق التلاميذ على أنها ملأى. فأخذ صندوقاً صغيراً من الحصى. وسكبه داخل الزجاجة. ثم رجها بشده حتى تخلخل الحصى في المساحات الفارغة بين كرات الجولف. ثم سألهم إن كانت الزجاجة مليئة، فاتفق التلاميذ مجدداً على أنها كذلك. فأخذ بعد ذلك صندوقاً صغيراً من الرمل وسكبه فوق المحتويات في الزجاجة. وبالطبع فقد ملأ الرمل بقية الفراغات فيها وسأل طلابه مرة أخرى إن كانت الزجاجة مليئة، فردوا بصوت واحد بأنها كذلك أخرج البروفيسور بعدها فنجاناً من القهوة. وسكب كامل محتواه داخل الزجاجة. فضحك التلاميذ من فعلته. وبعد أن هدأ الضحك. شرع البروفيسور في الحديث قائلاً: الآن أريدكم أن تعرفوا ما هي القصة. إن هذه الزجاجة تمثل حياة كل واحد منكم. كرات الجولف تمثل الأشياء الضرورية في حياتك: دينك، قيمك، أخلاقك، عائلتك، أطفالك، صحتك، أصدقائك. بحيث لو أنك فقدت كل شيء وبقيت هذه الأشياء فستبقى حياتك مليئة وثابتة. أما الحصى فيمثل الأشياء المهمة في حياتك: وظيفتك، بيتك، سيارتك. وأما الرمل فيمثل بقية الأشياء. أو لنقل: الأمور البسيطة والهامشية. فلو كنت وضعت الرمل في الزجاجة أولاً، فلن يتبقى مكان للحصى أو لكرات الجولف. وهذا يسري على حياتك الواقعية كلها فلو صرفت كل وقتك وجهدك على توافه الأمور. فلن يتبقى مكان للأمور التي تهمك، لذا فعليك أن تنتبه جيداً وقبل كل شيء للأشياء الضرورية لحياتك واستقرارك واحرص على الانتباه لعلاقتك بدينك. وتمسكك بقيمك ومبادئك وأخلاقك. امرح مع عائلتك، والدك، أخوتك، وأطفالك. قدم هدية لشريك حياتك وعبّر له عن حبك، وزر صديقك وأسأل عنه، وثق دائماً بأنه سيكون هناك وقت كاف للأشياء الأخرى، ودائماً اهتم بكرات الجولف أولاً؛ فهي الأشياء التي تستحق حقاً الاهتمام، حدد أولوياتك، فالبقية مجرد رمل. وحين انتهى البروفيسور من حديثه، رفع أحد التلاميذ يده قائلاً: أنك لم تبين لنا ما تمثله القهوة، فابتسم البروفيسور، وقال: أنا سعيد لأنك سألت، أضفت القهوة فقط لأوضح لكم بأنه مهما كانت حياتك مليئة. فسيبقى هناك دائماً مساحة لفنجان من القهوة! مريم الشميلي Maary191@hotmail.com