في بلدان العالم، ارتبط معنى الدورية بالبحث عن المطلوبين للعدالة والقبض على الخارجين على القانون. شرطة أبوظبي تسجل حالة جديدة ومعنى جديدا للمفردة، وهي تطلق دوريات مجهزة بأحدث الوسائل التقنية والكوادر البشرية المواطنة المؤهلة، كل مهمتها القبض على المعلومة أو الخبر على مدار الأربع والعشرين ساعة، في إضافة نوعية جديدة لمسيرة الإعلام الأمني، تجسيدا لعهد جديد في العلاقة بين الأجهزة الشرطية وإدارات “الداخلية” ووسائل الإعلام عنوانها مصلحة الوطن ومدادها الشفافية. وبعد أن كانت هذه الوسائل الإعلامية تعاني في الوصول إلى المعلومة، لأن كل الأمور كانت بالنسبة لعقليات البعض ممنوعة. وشهدنا كيف أصبحت الأمور والقضايا المتعلقة بالشرطة ودوائر الوزارة متاحة بكل يسر، أمام أي أعلامي مجتهد حريص على الوصول للحقيقة بعيدا عن أي تضخيم أو تشويه أو اجتزاء للمعلومة التي يرغب في إيصالها للرأي العام. ولعل إلحاق الإعلام بالأمانة العامة لمكتب سموه ترسيخ لهذه العلاقة من جهة، وتعبير عن نظرة سموه لدور وسائل الإعلام باعتبارها شريكا استراتيجيا مهما للوزارة وهي تترسم توجيهات القيادة الرشيدة ورؤاها في توطيد دعائم الأمن والاستقرار الذي تنعم به إمارات الخير والعطاء، في صورة للجهود المتكاملة لتعزيز المكانة الإقليمية والدولية التي تحققت للدولة، وتحولت معها إلى مركز ثقل سياسي واقتصادي ونقطة جذب واستقطاب للاستثمارات والفعاليات والمؤتمرات والمعارض العالمية.
تجربة دوريات الإعلام الأمني عندنا قلبت رأسا على عقب صورة جهاز الشرطة التي ارتبطت في كافة أنحاء العالم بالتكتم ووضع حواجز وعراقيل أمام عمل الإعلاميين. كما أنها تضع نظام الاتصال الحكومي في موقف لا يحسد عليه، بعد أن كنا قد راهنا عليه كإعلاميين كثيرا. بل وجدنا أن بعض الوزارات والدوائر الحكومية التي كان مديرو ورؤساء أقسام فيها يتعاون مع الصحفيين ووسائل الإعلام ويمدونهم بمعلومات وتصريحات، باتوا يلتزمون الصمت ويطلبون بمن يتصل بهم الاتصال بالمتحدث الرسمي وفق النظام الجديد. بعض هؤلاء المتحدثين “شهيته” و”مزاجه” مفتوح للحديث فقط مع وسائل الإعلام الأجنبية أو تلك المحلية التي تصدر باللغة الإنجليزية. وبعض هؤلاء المتحدثين لسان حاله “ليس المسؤول بأعلم من السائل”، وهؤلاء أفضل حالا في التعامل من نوعية أخرى تعتمد طرقا ملتوية في التعامل مع الإعلاميين وفق قاعدة ابتكروها تعتمد على “التلميع مقابل الخبر”، أي المطلوب من الصحفي إبراز أخبار وأنشطة المسؤول مقابل الحصول على الخبر. وكل تلك الصور والنماذج والممارسات، ما هي إلا دليل قصور في استيعاب معطيات العصر وأجواء الشفافية التي تؤكد عليها الدولة في مختلف المجالات، والنظرة للإعلام بوصفه شريكا في الوصول إلى الغايات والأهداف السامية لخدمة المجتمع وأفراده بمختلف شرائحهم.
ونحن نحيي هذه المبادرة الإعلامية المتفردة لشرطة أبوظبي، نتمنى أن تحذو حذوها بقية الجهات الحكومية في تسهيل عمل الصحفيين، وليتذكروا أننا شركاء وعون لهم في خدمة إمارات الخير والعطاء.


ali.alamodi@admedia.ae