ليس القاضي وحده المطالب بالعدل، بل كلنا مطالبون بالعدل مع أنفسنا، ومع الآخرين.. من أروع صفات الإنسان العدل، فما أجمل أن نعدل في بيوتنا بين أبنائنا، فلا نفرق في العطاء بين ابن وابنة، ولو بالابتسامة. ليس من العدل أن نترك زوجاتنا سجينات الجدران، ولو كانت من ذهب، لنجلس الساعات تلو الساعات في المقاهي، مضيعين الأوقات، التي هي حق لهن ولأبنائنا، وليس من العدل أن نسرق فرصة عمل لسنا أهلاً لها من مستحق لها، أو أن نستغل زميلاً لنا بالتهرّب من عملنا بتحميله المسؤولية وحده، أو أن نسرق جهد الآخرين، لنحصد ثمرة نجاحهم. العدل مطلوب من الأم والزوجة، بأن لا تضحي بواجبات الأبناء على حساب الزوج، ولا بواجبات الزوج على حساب الأبناء، وألا تميز بين أبنائها. رُوِيَ أن رجلاً من العقلاء غصبه بعض الولاة ضيعة له، فأتى إلى المنصور، فقال له: أصلحك الله يا أمير المؤمنين أأذكر لك حاجتي أم أضرب لك قبلها مثلاً؟ فقال: بل اضرب المثل. فقال: إن الطفل الصغير إذا نابه أمر يكرهه فإنما يفزع إلى أمّه، إذ لا يعرف غيرها، وظنّاً منه أن لا ناصر له غيرها، فإذا ترعرع واشتد كان فراره إلى أبيه، فإذا بلغ وصار رجلاً وحدث به أمر شكاه إلى الوالي لعلمه أنه أقوى من أبيه، فإذا زاد عقله شكاه إلى السلطان لعلمه أنه أقوى ممن سواه، فإن لم ينصفه السلطان شكاه إلى الله تعالى لعلمه أنه أقوى من السلطان، وقد نزلت بي نازلة، وليس أحد فوقك أقوى منك إلا الله تعالى، فإن أنصفتني وإلا رفعت أمري إلى الله تعالى في الموسم، فإني متوجه إلى بيته وحرمه. فقال المنصور: بل ننصفك، وأمر أن يُكتب إلى واليه برد ضيعته إليه. والعَدْل لغةً ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر. عَدَل الحاكِمُ في الحكم يَعْدِلُ عَدْلاً وهو عادِلٌ من قوم عُدُولٍ وعَدْلٍ، وعَدَل عليه في القضية، فهو عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته. وفي أسماء الله سبحانه: العَدْل، هو الذي لا يميل به الهوى فيجورَ في الحكم، وهو في الأصل مصدر سُمي به فوضِع موْضِعَ العادِلِ، وهو أَبلغ منه لأَنه جُعِلَ المُسَمَّى نفسُه عَدْلاً. والعَدْلُ الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ. وهو حَكَمٌ عادِلٌ: ذو مَعْدَلة في حكمه. والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه وحُكْمُه. ورجل عَدْلٌ وعادِلٌ جائز الشهادة. ورَجُلٌ عَدْلٌ: رِضاً ومَقْنَعٌ في الشهادة. ورَجُلٌ عَدْلٌ بيِّن العَدْلِ والعَدَالة: وُصِف بالمصدر، معناه ذو عَدْلٍ. قال في موضعين: «وأَشْهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم»، وقال: «يَحْكُم به ذَوَا عَدْلٍ منكم»؛ ويقال: رجل عَدْلٌ ورَجُلانِ عَدْلٌ ورِجالٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ، كلُّ ذلك على معنى رجالٌ ذَوُو عَدْلٍ ونِسوةٌ ذوات عَدْلٍ، فهو لا يُثَنَّى ولا يجمع ولا يُؤَنَّث. والعَدْل قيمة الشيء وفِداؤه. قال الله تعالى: «وَلاَ يُقبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ» البقرة 123، أي فِدْية. لسان الدين الخطيب: إذا العرب العرباء نصت قديمها ورجــع قـــال عنــد ذاك وقيــلُ كفانا افتخاراً وانتصــاراً ونســبةً تتابعـــــة مــن يعـــرب وقيــول إذا أصبحت خيلي البيوت مغيرة وفـي كل شــعب مقنـب ورعيـل عذيري من قوم تجيش صدورهم لهم عن طريــق العـدل في عدول