تقلص الإمارات حجم ميزانية العام المقبل مقارنة بالعام الماضي تماشيا مع الظروف المالية العالمية والمحلية، لا ضير في ذلك، ولكنها لا تمس مخصصات المواطنين وأمنهم الاجتماعي والاقتصادي. هذا خط أحمر بالنسبة لراسم السياسة المالية، فالحكومة، بدلا من أن تخفض نفقات قطاع التنمية الاجتماعية أو تبقيها عند مستوى 2010، ترفع حصة البند بنسبة 6,7% مقارنة بالعام الماضي، لتصل الاعتمادات إلى 19 مليار درهم، وتشمل نفقات التعليم العام والعالي والجامعي والصحة والمعاشات والإعانات الاجتماعية ومنح برنامج الشيخ زايد للإسكان وصندوق الزواج. الانحياز للمواطن تحد مالي قبلته الحكومة، وخصصت نحو نصف ميزانيتها لقطاعات التنمية البشرية التي لا تحقق عائدا ملموسا بالحسابات المادية، ولكنها تحمي قوت المواطن وتطور الخدمات التي يتلقاها، على عكس ما فعلت دول غنية ضحت بجانب من الأمن الاجتماعي لإنقاذ ميزانيتها من براثن العجز. ومع ذلك، لا مكان للعجز في ميزانية الإمارات وللعام السابع على التوالي، وسيبقى الأمر كذلك حتى عام 2013 في ظل اعتماد مبدأ الميزانية الصفرية المتوازنة بين المصاريف والإيرادات. ولا يمكن أن تكون الميزانية التي اعتمدها مجلس الوزراء تقشفية، فانخفاض حجم الميزانية بنحو 6% لا يعبر عن ضيق حال، بل يعبر عن مرونة واستجابة سريعة للتغيرات الحاصلة على الساحة المحلية والعالمية. نعم، الإمارات دولة نفطية، ولكنها لا تعتمد على إيرادات النفط بشكل مباشر في الميزانية الاتحادية، ناهيك عن أن المراهنة على أسعار النفط تحتمل اتجاهين متعاكسين، فلا بد أن يبقى الرهان على وفر قد يتحقق دون أن يحتسب ضمن الإيرادات العامة. لا يوجد تفصيلات كثيرة معلنة حول الميزانية لغاية الآن، ولكن مضامينها واضحة التوجهات، لا للمساس بالرواتب، ولا لترشيق الكادر الحكومي لتخفيض النفقات، ولا ضرائب أو رسوم جديدة، كما فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما. “اللاءات” الثلاث كفيلة ببث الطمأنينة في نفوس المواطنين والمقيمين على حد سواء، وباستطاعة الحكومة بعد ذلك أن تحدد البنود القابلة للمداولة، والتي تراها مناسبة للوصول بالنفقات إلى 41 مليار درهم. baha.haroun@admedia.ae