الموعد سهرة الأربعاء، وفرصة للتخلص من أعباء الحياة والتفرغ قليلاً للنفس ومواساتها وتنقيتها من الشوائب، فعندما تتاح لك الفرصة للخروج من عالم كرتنا إلى عالم الكرة الحقيقية، ومتابعة مباراة من صنف مختلف بين ميلان وريال مدريد، فلا شك في أنك تهدف إلى تهذيب ذائقتك الكروية، وطرد البرود الذي أصابك من جراء متابعة بعض المباريات التي نظلم كرة القدم عندما نحسبها عليها.
فهي متعة تغنيك عن ألف مباراة، ومن حسن الحظ أن مسابقة الدوري متوقفة، وبالتالي لا يمكن تعكير صفو المشاهد الإماراتي المظلوم، إلا إذا أصر هو بنفسه على جلب الضيق لنفسه، وبدأ بمتابعة مباريات المسابقات التنشيطية، والتي يعتبرونها رسمية، على الرغم من أنها مجرد مسابقات لتمضية وقت الفراغ مثلما حل الكلمات المتقاطعة، ومباريات لتشغيل البطالة المقنعة.
في تلك السهرة ظهر من الريال رونالدو وأوزيل والداهية دي ماريا وهيجواين الذي رد بشكل عملي على فلاسفة التحليل عندما قالوا إنه لا يسجل، إلا على الفرق المتواضعة، ولكنه هز شباك الميلان، وهو الهدف رقم 700 للفريق في المسابقات الأوروبية.
وقبل هؤلاء ظهر مورينهو المدرب الذي يثبت يوماً بعد يوم أنه اللاعب الأهم في الفريق الذي يدربه، ومن ميلان ظهر زلاتان ونيستا المدافع الذي يمتعك أكثر من بارونات الهجوم والوسط، كما حضر إنزاجي الهداف المرعب والمقاتل الشرس.
نزل الفريقان على أرض الملعب وكأنهما اتفقا على توزيع الأدوار فكان الشوط الأول للريال والثاني لميلان، وكان الجهد الكبير الذي بذله اللاعبون بمثابة مكافأة لحملة التذاكر ولمن تسمروا أمام شاشات التلفزيون في كل دول العالم، لنعرف السبب الذي يجعل من هذه المسابقة الدجاجة التي تبيض ذهباً ومليارات.
أهم ما أسفرت عنه المباراة كان الوجه المخيف الذي ظهر به ريال مورينهو ورسالة الرعب التي صدرها إلى كل المنافسين، ولعلنا لم نر الريال بهذا المستوى، والانضباط في جميع الخطوط منذ سنوات، أما في الجانب الآخر فلا يمكن تفويت الفرصة من دون الحديث عن إنزاجي هذا اللاعب الذي تشيخ الدنيا ويظل شاباً فيداعب الكرة، كما لو كان مراهقاً يبحث عن فرصته في عالم النجومية، فكلما ترك مقعده على الدكة أصاب الشبكة.
أخيراً:
تعادل الفريقان فصعد الريال وسيلحقه بلا شك الميلان، أما نحن فعلينا أن نرضى بقدرنا وأن نتجرع ما نشاهده في ملاعبنا، ونضع له مساحيق التجميل في شاشاتنا وننفخ فيه قدر الاستطاعة على صفحاتنا، ونقول هذا نجم وهذه كرة قدم ولو كان للعبة لسان لتبرأت منهم.



ralzaabi@hotmail.com