ما من شجرة تنمو وتترعرع، وتتفرع، وتينع، فتنفع، إلا إذا سُقيت ورُويت، وأُشبعت، لأن العطاء سنة الاستمرار والبقاء، ولا عطاء من دون أخذ وشحذ، وتمكين وتأسيس الأساس الصحيح، وتقوية أدوات النجاح.. تشغيل 6000 مواطن، يعني تحريك الكامن، وتنشيط الحركة، لهذه الجموع لترفد الوطن بما تملك من قدرات وطاقات، وتسجل إضافة إيجابية جديدة إلى مجموع من يعملون في القطاعات المختلفة.. في بلادنا، وقد تم الاعتناء بالإنسان، بإنشاء المدارس الحديثة، وتجهيز نظم التدريس بما يتلاءم مع العصر، وما يخدم حاجة الوطن إلى كوادر متعلمة، قادرة على حمل المسؤولية. وكذلك بنيت الجامعات، والكليات التي استقطبت الآلاف من أبناء الوطن، مستوعبة كافة التخصصات العلمية والأدبية، إيماناً بأن العلم هو الطريق الوحيد للنهوض بقدرات الوطن، والمحافظة على منجزاته والعناية بمكتسباته، فالعقول المتعلمة هي التي تصير درعاً واقية، وحصناً حصيناً، يضع المجتمع في مصاف المجتمعات المتطورة، واليوم الإمارات، وبعد هذا المشوار الطويل في طرق أبواب المعرفة بمختلف ألوانها وأشكالها، صارت بأمسّ الحاجة إلى أبنائها الذين تبوأوا الشهادات العلمية العالية، ليكونوا سنداً وعوناً لإمارات الخير.
ولأن حكومة الإمارات سخَّرت كل الإمكانات، ووفرت كل أدوات النجاح لأبنائها، فإن الواجب يستدعي تكثيف الجهود من كافة الأطراف والدوائر والمؤسسات الحكومية، ومن المواطنين الباحثين عن عمل، بأن يهبّوا لأجل تلبية النداء السامي، لتحقيق طموحات البلد وأهله، وجمع حبّات الدر في سلة واحدة، لتصبح أكثر وزناً وأكثر بريقاً، وأكثر جمالاً، فهذا هو زمن العطاء، وزمن رد الجميل، لمن أغدق وأغرق في مد غيث الجميل لكل إنسان يعيش على هذه الأرض الطيبة، هذا زمن هبّة الرجال الذين يعرفون قيمة العمل، ومعنى الوطن، ومغزى أن تفتح القيادة القلب لأجل احتضان الإنسان، وتلبية مطالبه، وتحقيق آماله، وبناء شخصيته، بناء سوياً، عفياً، متحرراً من أصفاد الحاجة، وقهر العوز.. هذا زمن التكاتف، والتآلف والتحالف من أجل صيانة الوطن، وحفظه وأمانه واستقراره، وطمأنينة أهله في دارهم وعلى أرضهم.. هذا زمن لا يقبل القسمة على اثنين، فالوطن واحد، والمشاعر لابد أن تتوحد حول الواحد، ليكبر في الجميع، وينهض بهم، ويرتقي سلالم المدنية الحقيقية.. هذا زمن من أخذ لابد أن يعطي، ولابد أن يضحي لأن سلام الوطن، سلامة للنفس والنفيس.. هذا زمن لا وقت فيه ولا مساحة للثرثرة، ومضغ الحكايات، وعلك الوشايات.. هو زمن الحب والإخلاص.


marafea@emi.ae