أدى التطبيق الإلزامي لنظام الاستدامة من قبل مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني بشكل كبير إلى شبه توقف إصدار رخص البناء من بلديات الإمارة الثلاث، في أبوظبي والعين والغربية، وذلك منذ منتصف نوفمبر الماضي، فصارت البلديات لا تقبل أي معاملة رخصة بناء، إلا ويجب أن تتضمن معايير الاستدامة أولا. وبالرغم من الدورات والتدريبات التي فرضها المجلس على الاستشاريين وأصحاب العلاقة بالأمر، لتطوير مهاراتهم الفنية التي تواكب النظام الجديد، فالتوقف صار نتيجة لقلة الخبرات والمعرفة والإلمام بالمطالب الجديدة، من قبل جميع الأطراف المعنية في السوق وعلى المستويين الخاص والعام. ففي البلديات الثلاث، مازال هناك مهندسون لا يعرفون ما هو المطلوب بالضبط، ولم يتعرفوا على البرنامج أصلا، وذلك الادعاء باعتراف عدد من الفنيين منهم، الذين لم يخضعوا للتدريب الكاف الذي يؤهلهم لاعتماد تصاميم مقدمة من قبل استشاريين ومهندسين في القطاع الخاص. كما الإمارة تضم بما يقارب 5 آلاف مكتب استشاري يعملون في قطاع التصميم المعماري والإشراف على المباني خلال تنفيذها، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل المدة التي فرض فيها التدريب على المكاتب كانت كافية؟ وهل التدريب شمل جميع تلك المكاتب قبل تطبيقه عليهم؟ كان يفترض على الجهات المعنية قبل المساهمة في «شلل» أحد أهم القطاعات في الإمارة والذي يعد مصدرا من المصادر المهمة في عملية التنمية الاقتصادية للبلد التريث قبيل التطبيق الفعلي للنظام، والتأكد أن جميع الأطراف هضمت البرنامج وتعرفت عليه وصار بالنسبة لهم موضوع روتيني متكرر. صحيح أن الحزم في مثل تلك البرامج المهمة ووضع ساعة صفر لتطبيق أمر مهم وحيوي للتقدم وتحقيق النجاحات، ولكن بالمقابل كان يفترض حصر المكاتب الاستشارية والعاملين في البلديات لإلزامهم في الخضوع لدورات مكثفة تساعدهم على معرفة النظام وتطبيقه في عملهم بشكل تلاقي، حتى تتعطل عجلة البناء والتعمير بسبب أو بآخر. كما يحتم على الجهات المعنية التأكد من أنه هل أن سوقنا يضم لتلك المواد المطالب فيها، بمعنى آخر هل يوجد في السوق المحلي تلك المواد المستخدمة في عملية البناء والواجب توافرها في التصاميم الجديدة، حيث ينبغي تأهيل السوق والتجار والمصنعين للمواد البناء بالمواد الواجب تواجدها خلال الفترة المقبلة؛ حتي لا يساهم ذلك الموضوع في ندرتها، وبالتالي رفع أسعارها بشكل يضر بصحة العقاريين. ولا شك أنه يصاحب كل نظام أو برنامج جديد عدد من المتذمرين وغير القابلين للتجديد والجديد والتطور، هم من الفئة الذين إذا تعودوا على نظام معين أو برنامج يصعب عليهم تبديله أو تطويره، فيرضون بما يجدون أمامهم ولا يفضلون أن يبحثوا أو يناقشوا أو يفكروا فيما ترك مَن قبلهم. أخيرا: الاستدامة نظام جديد يسير وفق توجهات الحكومة ورؤيتها الطموحة إلى خفض استهلاك الطاقة وهدرها فيما لا يلزم، وذلك باستخدام التصاميم الهندسية للحفاظ على ثرواتنا وطاقاتنا. أي أنه نظام يساهم في تقدم وطننا، فلا بد علينا من السعي لإنجاحه.