قصة الطرود المفخخة التي أطلت علينا هذا الأسبوع بكل الإزعاج الذي تحمله، لا يختلف عليها اثنان أنها تعبر عن فكر إجرامي لا يقود أصحابه إلا إلى مزيد من التخلف والعزل والمحاربة، ولا يمكن له أن يحقق ولو ذرة نجاح في يوم من الأيام. هذا الفكر البائس، أربطه مع قصة مختلفة حصلت قبل وقت ليس بالبعيد في أميركا لشخص مسلم تعرض لحادث سطو، وذلك لكي نشاهد حجم الفارق بين فعل الصواب وبين ارتكاب الجرائم باسم الإسلام. القصة التي عرضتها بعض محطات التلفزيون الأميركية، تعود لشخص مسلم كان يملك بقالة، وذات مساء تعرض لحادث سطو من قبل شخص حاول سرقته بالإكراه بعد أن هدده بمضرب «بيسبول» كان يحمله، بأن يلحق به الأذى إذا لم يعطه الأموال الموجودة في الصندوق. لكن صاحب البقالة المسلم لم يخش التهديد وقام بإخراج مسدس كان يضعه للحماية. اللص الذي وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه استسلم للأمر الواقع، وانخرط في موجة من البكاء طالبا السماح وأن يتركه المسلم يذهب إلى حال سبيله، وأخبره أنه لم يقدم على فعلته إلا لحاجته الشديدة لإطعام أبنائه. وسط هذا الموقف المتوتر انتصرت رحمة الإسلام في قلب صاحب البقالة المسلم، وإذا به يضع المسدس جانبا، ويذهب إلى الصندوق ويخرج منه بعض الأموال ويقدمها للص لكي يذهب ويشتري بها الطعام لأبنائه. اللص ذهل من الموقف ومن هذه الرحمة التي لم يعرف لها سبيلا من قبل في مجتمعه، وغادر وهو لا يكاد يصدق نفسه، لكن أقدامه لم تحمله بعيدا، وعاد على الفور مرة أخرى إلى البقالة وصاحبها وقرر إشهار إسلامه بعد أن هزه الموقف. صاحب البقالة المسلم، كان بإمكانه أن يطلق النار على اللص دون أن يلومه أحد بحجة الدفاع عن النفس، أو أن يسلمه إلى الشرطة لكي يلقى جزاءه، أو يطرده من البقالة بعد أن استسلم على أقل تقدير، لكنه مع ذلك اختار تصرفا أكثر جمالا وروعة وقرر أن يبادل الإساءة بالإحسان، فملك قلب الآخر وعقله. هذه هي تعاليم الإسلام الحق، وليس الإرهاب وترويع الآمنيين وقتل الأبرياء، وحياكة المؤامرات تحت جنح الظلام، كما يفعل أصحاب الشر من الفئة الضالة التي أعمى الحقد عيونهم. شتان بين الاثنين، بين من ينصب المصائد ويفخخ الطرود وبين من يعفو ويصفح عند المقدرة، الأول يزرع الشر ولا يحصد إلا الأشواك، والثاني يسير في درب من نور. s.alshamsi@admedia.ae