أتعجب لحال العديد من دوائرنا، التي تملأ الساحة بأخبار حصولها على جوائز للتميز أو شهادات”الآيزو”، ومع هذا عندما تقترب من بعضها، تشهد مستوى متدنياً للتعامل والإجراءات فيها، لتبرز أمامك تساؤلات حول طبيعة ما نالت عنه تلك الدائرة ذلك التقدير.
برز أمامي هذا التساؤل بينما كنت ماراً قرب مركز توزيع الأغذية للمواطنين التابع لبلدية أبوظبي. والذي انتقل لمكانه الحالي في منطقة الزعفرانة بشارع المرور، من مقره السابق قرب سوق السمك عند الميناء.
وقد ذكر في حينه أن هذا الانتقال جاء للتسهيل على الناس والمستفيدين من حرص الدولة على توفير المواد الغذائية الرئيسية بأسعار معقولة، بعيداً عن الاستغلال الحاصل في السوق. وعلى الرغم من أن أيام الذروة في عمل المركز محدودة باليوم الأخير وبدايات كل شهر، إلا أن المار بالمكان يرى عجباً بسبب الازدحام الذي يخرج في أحايين كثيرة عن نطاق السيطرة. ويبرز معه التساؤل الذي أشرت إليه في البداية، حول عجز الحاصلين عن “الآيزو” كما يقولون عن تنظيم التوزيع واستقبال المراجعين بصورة حضارية تتناسب والمستوى الرفيع من الأداء الذي تحقق في الكثير من دوائرنا المحلية.
كان هناك زحام على أشده حال دون وصولي إلى وكالة للسيارات تقبع هناك قرب المخازن الرئيسية للبلدية. دخلت المكان مستطلعاً، لأرى حشداً من المراجعين حُشِروا في مكاتب ضيقة، يتنقلون بين كاتب ومسجل وأمين صندوق للبلدية، وآخر تابع لفرع بنك محلي من أجل دفع قيمة “يونية عيش”، ثم الوقوف بسياراتهم في طابور غير منظم تسوده الفوضى وأصوات الرجال والنساء المتداخلة من أجل الاستلام.
وعلى الرغم من أن كل هذه الإجراءات كان بالإمكان اختصارها في مكان واحد ومنفذ واحد، والذي يفترض ألا يختلف عن أي منفذ تجاري يعتمد أسلوباً واحداً معروفاً يقوم على الدفع والتسلم. وعلى الرغم من أن للبلدية إمكانيات متوافرة تسمح لها بفتح فروع للتوزيع، في فروعها، ببني ياس والوثبة وحتى السمحة والباهية، إلا أنها تصر على مراجعة جميع المستفيدين لهذا المركز الكائن في زاوية من زوايا مخازنها. وقد كبلوا بلوائح تتطلب العديد من الأوراق لتسلم الحصة الشهرية من المواد الغذائية. حيث يطلب منهم عند كل تجديد، بطاقة الصرف منتهية الصلاحية وخلاصة القيد، (الأصل وصورة عنها) وصورة عن جواز السفر وصورة عن بطاقة الهوية وصورة شمسية وكتابة عنوان السكن ورقم التلفون.
كل هذه الأوراق مطلوبة، وهي لا تختلف عمّا هو مطلوب للتقدم لمنحة أرض أو سكن حكومي !!. ولا يتطلب الأمر الاستعانة بخبير أو بيت خبرة، سواء من داخل الدولة أو خارجها كي نختصر الإجراءات ونخفف علي مراجعين من ذوي الدخل المحدود، حرصت الدولة على تخفيف الأعباء المعيشية عليهم بهذه اللفتة الإنسانية والحضارية بتوفير سلع غدائية أساسية لهم بأسعار معقولة، ليجدوا أنفسهم أمام تعقيدات موظفين إداريين تابعين لدائرة تعلن عن خطط كثيرة لاختصار الإجراءات، الذي هو فن بحد ذاته لكسب رضا العميل أولاً، وحصد جوائز التفوق تالياً، وذاك مجرد نموذج!.


ali.alamodi@admedia.ae