وصلت أزمة نقص إمدادات البترول في بعض محطات الوقود في الشارقة إلى نقطة الحسم: فإما أن تعـاود تشـغيل محطاتها المغلقة خلال فترة حددتها الحكومة رسمــيا بـ 72 ســاعة، وإما أن يصــدر رسمياً قرار بإغلاق كافة المحطات، وهــو تصعيد دراماتيــكي ربما كان ضرورياً وبما يتناسب مع حجم الضرر الذي تسببــت فيه تلك الشركات التي تسير تلك المحطات، الضرر الذي أثر ســلباً على المستهلكيــن بشكل مباشر وعلى مجريات الحياة العامة، إضافة إلى صورة الدولة بشكل عام !
إن التعامل المادي المرتكز على الربح أولاً والربح أخيراً هو منطق الشركات من هذا النوع، وهو منطق لا أحد بإمكانه أن يجادل فيه هذه الشركات مطلقاً، لكن لمنطق الكسب أكثر من زاوية وأكثر من منظور، فما يضر المجتمع والمستهلكين للسلعة الرئيسية التي تبيعها هذه الشركات يعتبر خسارة فادحة يتوجب عليها أن تعمل ما بوسعها لكي تتجنب حدوثها، حتى وإن كان في الأمر بعض الخسائر الصغيرة التي يمكن أن تتحملها أو تأخذها هذه الشركات على عاتقها.
المفروض أن هذه الشركات تسهم مباشرة في صلب اقتصاديات وعمليات التنمية في البلد، وهي شركات كبرى تدير رؤس أموال خيالية وتتعاطى مع السلعة الرئيسية والأولى في اقتصاد الإمارات، ولا يمكن أن يتخيل إنسان أن هذه الشركات تعاني أي نوع من الخسائر من أي نوع، فهذه تكسب دائما وتكسب كثيراً، من هنا يتوقع أن تعمل هذه الشركات ما بوسعها لتضمن علاقة جيدة مع عملائها من مواطني ومقيمي الإمارات دون الحاجة لضغوطات ومحاولات رفع الأسعار باستمرار والمواجهة مع الجهات الرسمية التي تصل إلى درجة التهديد فهذا ليس في صالح مصالح الشركة.
التوقف عن توفير البترول للجمهور في الشارقة وفي أي إمارة والذي شكل ظاهرة غريبة في دولة نفطية من طراز عالمي كدولة الإمارات، إضافة إلى كونها ظاهرة جديدة لم نعهدها وربما كان في التساهل معها رسميا مجال لتكرارها وتفاقمها وتمددها في سائر الإمارات، من هنا تأتي أهمية تحرك المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة ووقفته الحازمة، والمهلة الصارمة التي أعطيت للشركة، بعد أن وصلت الأزمة في مداها الزمني أكثر من شهر حتى اليوم.
نعود مجددا لنعترف لأية شركة - أيا كان ما تبيعه وتتعامل به - بحقها في السعي لتحقيق الربح، طالما أن هناك فرصا مناسبة لذلك، لكن حتى الربح محكوم بقوانين تقننه وتحدده وتضبطه حتى لا تتداخل المصالح ولا تتضارب الحقوق، كما أن قلاع الرأسمالية والبراجماتية (النفعية) في العالم لم تترك مسألة الأرباح مطلقة وعلى هوى التجار، كما لم تتساهل إزاء حقوق الناس ومصالحهم فضبطت الميزان كله انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية ومصالح المجتمع الأساسية، هذا كله يجعلنا نعتقد أن ما قام به المجلس التنفيذي خطوة سليمة وفي الاتجاه الاجتماعي الصحيح بنسبة 100%.


ayya-222@hotmail.com