على مر العصور، لن يمر علينا الثاني من نوفمبر من كل عام مرور الكرام، ولن يكون يوماً اعتيادياً كبقية الأيام، بل هو يوم استثنائي، ملأ قلوبنا حسرة وألماً بفقد والدنا الشيخ زايد تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
ففي مثل هذا اليوم من العام الرابع بعد الألفين للميلاد، فقدت الإمارات والدها وبانيها ومؤسسها، وباني نهضتها، فقدت الأب والقائد الحكيم، فقدت الإنسان الرحيم العطوف الكريم، فقدت الأب الحاني على الصغير، والأخ العطوف على الكبير، فقدت الموجه، والناصح لأبنائه، فقدت من أوصل الإمارات لهامات القمم، فقدت من بنى الإنسان، وعلمه، وفتح له باب العلم والمعرفة على مصراعيه، فقدت من مهد الطرق، وجعل مدننا المترامية الأطراف، سواء كانت في قلب الصحراء أو على قمم الجبال، قرية واحدة، فتصبح في شرقها وتمسي في غربها.
ومهما سطرنا من أحرف، وأسلنا من حبر، وخططنا الصحائف، فلن نوفي والدنا حقه، ولن أقول ذكراه، بل حبه يسري في عروقنا، ففقيد الوطن والأمتين العربية والإسلامية سطر اسمه في سجل الخالدين بإنجازاته، وأعماله وإخلاصه وحبه لشعبه ووطنه، وذكرى رحيل الوالد هي دعوة لتكريس المنجزات العملاقة التي أسسها زايد، وتمكينها في أركان الوطن والمواطن، وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، الذي كان خير خلف لخير سلف، والذي حمل الراية، وقاد السفينة بحكمة والده وحنكته التي غرسها فيه زايد، عندما أطلق مرحلة التمكين للبناء على منجزات زايد، والحفاظ عليها، وإعلاء شأنها، والانتقال بالبلاد من قمة إلى قمة، ومن مجد إلى مجد، يجعل الإمارات دولة وشعباً في الصدارة وفي المقدمة دائماً.
فوالدنا طيب الله ثراه، وإن غاب جسداً، إلا أنه حاضر فينا، فهو قلـب الإمارات التي أسسها، وبنى مجدها، ووضعها في مكانتها المرموقة بين الأمم والشعوب المتقدمة، وما نجني ثماره اليوم هو بفضل الله أولاً ثم زايد الذي سخرته إرادة المولى عز وجل للإمارات، ولشعب الإمارات، الذي كسب احترام وتقدير العالم بفضل سياسته وحكمته، التي ارتبطت دوماً باسم الإمارات، فالإمارات زايد، وزايد الإمارات، وامتداده المتواصل في خليفة الخير، وقيادة الدولة الرشيدة، وأبنائها الأوفياء المخلصين، الذين يعلون من شأن الإمارات ويعملون بإخلاص من أجل مجدها وعزها.
والذكرى السادسة لرحيل أب الإمارات وقفة نجدد ونؤكد فيها العزم على المضي قدماً على النهج الذي رسمه والدنا القائد المؤسس زايد رحمه الله، وقفة نجدد فيها العهد والوفاء والولاء لقيادتنا الرشيدة التي تسير على نهج زايد، بالعمل المخلص والإبداع والتميز والاجتهاد والتفاني في خدمة الوطن، لتبقى الإمارات دائماً كما أرادها زايد، راية عز ونموذجاً للتقدم والرخاء والاستقرار.


m.eisa@alittihad.ae