لم يكن ما حدث لمنتخبنا الصغير أمس أمام أستراليا ظلماً من الحكم وإن فعلها، بقدر ما كان ظلماً من كرة القدم نفسها التي أدارت ظهرها على غير عادتها لمن أعطاها ودفع مهرها، واختارت الأقل حتى وإن اجتهد هو الآخر. كانت مباراة أمس قد بيتت النية على ألا تذهب إلى الأبيض الصغير، وجندت كل العوامل لتحكم خطتها ولتدير ظهرها للأبيض، فانحاز الحكم ضدنا، وباتت أفعال الأستراليين لا غبار عليها، وذهب الحظ ليساند الكانجارو أيضاً، وحتى الدقائق اختارت هي الأخرى الصف الآخر، لتمنحنا ضربة موجعة في الدقيقة 94 بينما كنا نستعد للاحتفال، ليحرز الأسترالي هدف التعادل، ولنحتكم معاً إلى الوقت الإضافي، لكنني أيقنت حينها أن الحلم قد ابتعد، لأنه أراد أن يبتعد ولأن عوامل كثيرة كانت تدعوه للابتعاد. لم نكن نستحق الخسارة بالذات أمس، بعد أن قدمنا في البطولة أفضل عروضنا على الإطلاق، وكنا سادة الملعب، سواء في الوقت الأصلي أو الإضافي، وتقدمنا بهدفين كانا كفيلين بإنهاء الأمور لصالحنا، ولكن مع مضي الأحداث تحاملت كل العوامل علينا، فالحكم يرى كل لمسة لأي لاعب إماراتي تستحق إنذاراً، والكرة التي نراها في «الآوت» يراها هو في قلب الملعب، ليأتي منها هدف، بينما تصرفات الأستراليين تنزل على قلبه برداً وسلاماً، وتعاطفت وأنا الجالس متسمراً أمام التلفاز مع اللاعبين وأشفقت عليهم، فقد أيقنت أن هذا الحكم لا يريد لنا أن نفوز، وبالرغم من ذلك لم تنل هذه التصرفات من عزيمة اللاعبين، وحتى بعد التعادل والاحتكام إلى الوقت الإضافي واصلوا سيطرتهم، ولكن أصرت الكرة نفسها بالأمس على من لا يعطي. لست حزيناً على الخروج بقدر حزني على أبنائنا، الذين كان مشهدهم بعد المباراة «يقطّع القلب»، وعزائي وعزاؤهم أنهم كانوا رجالاً، وقدموا كرة قدم حقيقية، تؤكد أن أجيال المستقبل تبشر بالخير، وإذا كان قطار المونديال سيذهب إلى المكسيك بدونهم، فتلك ليست نهاية العالم، وإن فاتنا قطار، فالأسفار عديدة، والأهم أن نحافظ على هذه المواهب وأن نتعهدها بالرعاية التي تستحقها، وأن نكون أكثر رحمة بهم من هذا الحكم الجائر وتلك الكرة الظالمة. عزائي أننا بتنا كرة مهابة، وبعد أن كنا في الماضي عرضة للخروج من الأدوار الأولى، دون أن يحزننا ذلك، أصبحنا نقارع الكبار، ونرى في عدم التأهل للمونديال فشلاً، وبات منافسونا من عينة استراليا بحاجة إلى مساعدة ليفوزوا علينا. منذ أيام قلنا كلاماً مشابهاً عن منتخب الشباب بقيادة جمعة ربيع، والذي خرج هو الآخر من تصفيات المونديال، واليوم نردد الكلام ذاته عن الناشئين، بالرغم من أن الجيلين ذاتهما كانا في كأس العالم سواء بمصر أو نيجيريا، ولا أرى في ذلك تراجعاً محبطاً، فقد سبق وقلت أمس الأول إن الأجيال ليست مستنسخة، وأحسب أن هذين الجيلين لديهما الكثير، وبإمكاننا أن نراهن عليهما بثقة وفخر لأنهما أهل لتمثيل الوطن. كلمة أخيرة هناك هزيمة تهوي بصاحبها وأخرى يشتد بها العود، وتلك كالفوز أو أكثر. mohamed.albade@admedia.ae