تتواصل تداعيات قضية “طفلة الحافلة” التي كشفت النقاب عنها شرطة دبي مؤخرا، ونشرت الصحف المحلية تفاصيلها السبت الماضي، ولسنا هنا بصدد استعادة تلك التفاصيل المقززة عن الذئاب البشرية الثلاثة الذين تناوبوا الفتك بفريستهم داخل حافلة المدرسة التي كانت تقلها، وهم المؤتمنون عليها.
تواصلت أصداء الجريمة النكراء، والأصوات تستنكر أن يعيش بين ظهرانينا أناس بهذه الخسة والدناءة ممن لا يقيمون وزناً لأي قيمة إنسانية، وهم ينقضون على فريستهم البريئة.
وتعالت الأصوات من الجميع، بما في ذلك قيادات شرطة دبي، ونحن أيضا لسنا بصدد إيراد تلك الدعوات، قدر ما نواجه السؤال الكبير حول الإجراءات التي تتخذ لمنع تكرار مثل هذه الحوادث والقضاء عليها؟
ومن خلال متابعة وقائع حوادث الاعتداء على الأطفال التي تم تسجيلها خلال الفترة الماضية تقع على يد أشخاص أوكل اليهم التعامل معهم، سواء داخل المدرسة أو المنزل أو في محيطهما، الأمر الذي يستوجب التدقيق بشكل كبير فيمن نعهد اليهم بمهمة رعاية ومتابعة هؤلاء الصغار، ولا زلنا نتذكر واقعة تكرار اعتداء حارس مدرسة على طفل داخل حماماتها وغيرها من تلك الحوادث التي تتطلب المتابعة الدائمة للعاملين في هذا الحقل سواء من مدرسين أو مشرفين أو عمال. كما نتذكر أيضا استدراج مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي بمدرس أميركي له سوابق تحرش بالأطفال ونجح بعد ذلك في الالتحاق بالعمل مدرساً بإحدى المدارس الخاصة في أبوظبي.
إن من الوثائق والمستندات المطلوبة عند التعيين شهادة حسن السير والسلوك التي تمنحها إدارات الشرطة عندنا، وتكون عادة خالية، لأن طالبها وفد لتوه إلى البلاد، من دون أن نعرف بالخلفيات التي جاءنا منها، وما إذا كانت له سوابق هناك، أو عن ميوله. ومن هنا كانت الدعوات لإعادة النظر في هذه الأمور والتدقيق في خلفيات الذين يعملون في حقل من أهم وأخطر الحقول على الإطلاق.
كما حملت أصداء هذه القضية تجدد الدعوات لتشديد العقوبات بحق أولئك الذين يسلبون الطفولة براءتها، وهم يعتدون عليهم متجردين من أي ذرة إنسانية. فلو أدرك أي مهووس بالاعتداء على الأطفال أنه قد يواجه بعد إدانته من القضاء بالتعرض للإخصاء الكيميائي الى جانب عقوبات السجن الطويلة والإبعاد عن البلاد، لفكر عدة مرات قبل أن يتجرد من آدميته ويرتكب جريمته النكراء.
وبمواكبة كل ذلك تشديد المناطق التعليمية على المدارس العامة منها أو الخاصة في مسألة التعيينات المتعلقة بالأشخاص الذين يعملون عن قرب مع الأطفال كحراس المدارس وسائقي الحافلات والمشرفين على الحافلات المدرسية، وحتى المدرسين، ولا أعتقد أن التدقيق والتشدد في تعيينات هذا القطاع سيغضب أحدا، لأن الهدف من ذلك غاية سامية تتعلق بتوفير الحماية لهؤلاء الصغار، والاطمئنان والثقة في البيئة التي يتواجدون فيها ساعات طويلة بعيدا عن أنظار الأهالي وعن رقابتهم.
وأخيراً هناك نقطة في غاية الأهمية تتعلق بالآباء وأولياء الأمور، وضرورة الانفتاح على صغارهم، بحيث لا يخافون من البوح لهم بما يتعرضون له خارج المنزل.


ali.alamodi@admedia.ae