إذا ناقشته في أمور وظواهر اجتماعية يتوجب أن لا يمر عليها مرور الكرام، بل عليه أن يتوقف عندها ويغير الخطأ فيها إن استطاع، أو يتواصل مع المسؤول عن إصلاحها إن كان فيها ضرر لا يحتمل التأجيل نظر إليك باستغراب وقال : وأنا شو يخصني ؟ أي وماذا يعنيني أنا أو ما علاقتي أنا بالأمر ؟ وإذا رآك منغمساً في الاهتمام بشأن من شؤون المجتمع، تناقش خللاً ما بحدة، أو تبحث عن أحد المسؤولين لتبلغه عن خطأ أو هدر ما أو ضرر بالغ لم يثر انتباه أحد، واجهك بالجملة ذاتها: وأنت شو يخصك ؟ أي ماذا يعنيك من الأمر؟!
السلبية واحدة من أخطر الظواهر، وهي داء المجتمعات القائمة على البراجماتية الفردية المطلقة، حيث الفرد لا يرى من الحياة سوى مصلحته أو ما يقود لتحقيق هذه المصلحة أما ما عدا ذلك من خلل أو ضرر قد يتعرض له المجتمع أو الآخرون فلا يعنيه في كثير أو قليل، وكأن لسان حاله يقول أنا ومن بعدي الطوفان، وبالفعل فإن منطق “وأنا شو يخصني” لا يقود إلا للطوفان !!
الإمارات جزء من المجتمع العربي ، والعربي بطبعه وطبيعته مغموس في منظومة قيمية عاطفية تتحكم فيه وتحكم تفكيره وتصرفاته في أغلب الحالات، ولذلك فإن أخلاقيات النخوة والتعاطف وتقديم المساعدة والاهتمام بالشأن العام والمبادرة لرفع الأذى والفزعة لمن احتاج إليها جزء من هذه المنظومة التي – وللأسف - بدأت تتلاشى تحت وطأة قيم العولمة والانفتاح وهجوم الثقافات الوافدة علينا من كل جهة إلى جانب التغيير الذي أصاب الشخصية الإماراتية وخلخل منظومة القيم الاجتماعية فيها.
ليس صحيحا أنه لا يعنيني ولا يعنيك عزيزي المواطن والمقيم أن نساهم في إصلاح الخطأ وتغييره قدر استطاعتنا، ليس من الحكمة ولا من الدين ولا من أخلاقيات المجتمعات المتحضرة أن لا نتعاون للإبلاغ عن هدر معين أو استخدام سيئ للمرافق، أو تخريب أو إخلال بأمن الناس أو ... ، فديننا يحض على أنه من رأى منكم منكرا فليغيره، والتغيير له آلياته وشروطه والحكمة مطلوبة دائما من المؤمن الحكيم.
أن ترى هدراً للماء وأن ترى تخريباً للممتلكات وأن تلاحظ خطئاً على الطريق يقود إلى أضرار بحياة الناس، أو تلحظ تسريباً هائلاً للمياه في مكان ما، أو عبثاً بممتلكات عامة في إحدى الحدائق مثلا أو حتى حين تشاهد شخصا يعبث أو يخرب أو ينتهك ثروات وممتلكات وخدمات خصصت للاستخدام العام، أن تلاحظ كل ذلك وغيره ثم تمر مرور الكرام فلا يتحرك فيك حس بالمسئولية أو بالمشاركة في الإصلاح، والتنبيه والإرشاد والتوعية، ثم تدعي الوطنية والحرص والمواطنة وحقوقها فإن في الأمر خللا ما يحتاج لفحص سريع كما تسرع لفحص جسدك إذا اشتكيت من ألم ما.
الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع الذي نتقاسمه معا يشبه أولئك الذين ركبوا السفينة فأراد أحدهم أن يحدث فيها ثقبا بادعاء أن ذلك المكان ملكه، بينما وقف الآخرون يتفرجون عليه مدعين أن لا علاقة لهم بالأمر .. فكيف ستؤول الأمور يا ترى بركاب السفينة ؟ بالتأكيد سيغرق الجميع .. هذا ما يحدث إذا قال كل واحد منا للخطأ وللمخطئين : وأنا شو يخصني ؟


ayya-222@hotmail.com